يُغنيك في العام الجديب بجُوده ... عن فيض أَبحره وجَوْد غمامه
كَرَمٌ، غدا هذا الزمان لكل ذي ... أَملٍ يروض به نفوسَ كرامه
وقوله من قصيدة:
رداءَ اتِّباع الغيِّ هل أَنت نازِعُ ... وهل لك مما لاح بالفَوْدِ وازعُ
فَحتّامَ تُصْبيكَ البُروق كأَنها ... لقلبك لا قلب الظَّلام صوادع
فحلأَّ جفنَ العين عن مَنْهَل الكرى ... وقد شرَعتْ فيه العيون الهواجع
أَوَجْدَك أَمْ إِلْفاً بنُعْمان في الدُّجى ... على أَيْكِهِ هاجَ الحمامُ السَّواجع
أَمِ الطيف لما زار، وهْناً، مُسَلِّماً ... نبت بك لما سار عنك المَضاجع
فبتّ سميراً للنجوم كأَنّما ... تضمَّنَ من تهواه منها المطالع
فيا لابِساً ثَوبَيْ مَشِيبٍ وصَبْوةٍ ... صُنِ السّرَّ إِلاّ أَن تَنُمَّ المَدامِع
فما لك في خَلْع العِذاريْنِ عاذرٌ ... ولُبْسِ قِناع اللَّهْوِ، والفَوْدُ ناصع
ومُضطربِ الأَحشاء من أَلم الجوى ... نَبَتْ عن سماع العذل منه المسامع
أَقام الهوى منه الفؤادَ رَمِيّةً ... لِما فوّقت يوم الوَداع البَراقع
فلا الماء إِلاّ ما تَسُحُّ جُفونُه ... ولا النّارُ إِلاّ ما تَجُنُّ الأَضالع
يَحِنُّ إِلى أَرض الشآم صَبابَةً ... كما حَنَّ مفقود القرينة نازعُ
ديارٌ كساها القَطْرُ سِرْبال بَهْجَةٍ ... مصايفُها تُزْهى به والمَرابِع
جَلَتْها الرياضُ الخُضْرُ في حُسْنِ حُلَّةٍ ... من النَّوْر حاكتْها الغُيوثُ الهوامِع
سَقَتْها على تصفيق برقٍ تراقَصتْ ... بأَسيافها فيه البروق اللَّوامع
وأَلبسها زهْرُ الربيع مَطارِفاً ... مِن الوَشي لاثتها الرُّبى والأَجارع
تُرَجِّعُ فيه الطيرُ لحناً كأَنما ... يَجُسُّ به منها المثانيَ صانع
تخال مناقير الهَزار بدَوْحِها ... مزاميرَ، لكن أَعوزتْها الأصابع
بلادٌ لأُسْد الغاب في عَرَصاتِها ... بأَلحاظ أَحْداق الظباء، مَصارع
فيا طِيبها لولا زَلازِلُها التي ... يروعُك منها هَزُّها المتتابع
تَمُورُ كما مار السَّفيه بلُجَّةٍ ... تَلاطمَ فيها مَوْجُها المتدافع
بأَقْطارها لا تطمئنُّ كأَنّما ... توعَّدهُنّ اللّوذعِيُّ طلائع
ومنها:
إِذا ملأَ الصدرَ النِّجادُ وصافحتْ ... متونُ القنا الخَطّارِ فيه الأَشاجع
يقول: أَلا أَيْن المجالِدُ، عضبُه ... وذابله العسّال، أَين المُقارِع
منازِلُه والمالُ والصَّدْرُ والجَدى ... على الخلْق، كُلٌّ في الإِضافة واسع
وأَفعالهُ في المَكْرُمات كعزْمِه ... مواضٍ، فما فيهن فعلٌ مُضارعُ
فما روْضَةٌ يُسْقى بماءيْنِ تُرْبُها ... وكلُّ نميرٍ في المَنابت ناجِع
يمُجّ إِليها النيل من صاعِد النَّدى ... ويَشْفَعُه من نازل القطر شافع
مُدَبَّجَةُ الأَرْجاء تُمْسي كأَنها ... عقيلة خِدْر سِرُّ ريّاهُ ذائع
تَقابَلَ في المخضرّ أَبيضُ ناصِعٌ ... وأَحمرُ قانٍ منه أَصفر فاقع
بأَحسنَ منْ يوم التهاني يَزُفُّها ... لمجدك نظّامٌ بليغ وساجع
وله في كبير مرض:
مَنْ مِثْلُه حين عاد مشتكياً ... والمجدُ والمَكْرُمات عُوَّدُهُ
مدّ إليه الشفاءُ كلَّ يدٍ ... وعنه غُلَّتْ من الرَّدى يدُه
وقوله في مرثية الصالح بن رزيك:
جَلَّ ما أَحدثتْ صُروفُ الليالي ... عند مُسْتَعْظَم العُلى والجلالِ
مَلِكٌ بعد قَبْضِه بَسَطَ الخَطْبُ يديْه إِلى بني الآمال
جادتِ العينُ بعد بُخْلٍ عليه ... بيواقيتِ دمعها واللآلي