للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَقسَمَتْ لا نَشَزَتْ عنه وقد ... أَقسم لا مال إِلى طَلاقها

ومنها:

ليس لفخر الدين ندٌّ في الوَغى ... إِذا الحروب شمرت عن ساقها

تهابُه الأُسود في آجامها ... وَحَيَّةُ الوادي لَدى إِطراقها

ويخضِب السُّيوفَ باصطباحها ... من عَلَق النَّجيع واغتباقها

كأَنما أَعداؤه أَحبّةٌ ... يشتاق في الحرب إِلى اعتناقها

والخيلُ لا تقتحم الموت إذا ... دارت رَحى الحرب سوى عِتاقِها

سَحَّتْ بجَدْواه سَحاب كَفِّه ... فخافت العُفاة من إِغراقها

عليه من حُسنِ الثناء حُلَّةٌ ... قَشيبةٌ لم يَخْشَ من إِخلاقها

ومنها:

أَمضى حسامٍ عقدته الدَّوْلة النّورية الغَرّاء في نِطاقها

أَرسل نور الدين منها شُهُباً ... على العِجى لم يثن من إِحراقها

وقال:

رُوَيْدك كم تَجْني وكم تَتَدَلَّلُ ... عَلَيّ وكم أُغْضي وكم أَتَذَلَّلُ

لَزِمْتَ مَلالاً ما تَمَلُّ لُزومَه ... فقلبي على جَمْر الغَضا يتَمَلْمَل

وَوَكَّلْتَني بالليل أَرعى نجومَه ... وأَنت بطول الصَدّ عني مُوَكَّل

ولا غَرْوَ إِن جادت جفوني بمائها ... إِذا كان مَنْ أهواه بالوَصل يبخل

وقد صار هذا السُّخْط منك سَجِيَّةً ... فَليْتَكَ يَوْماً بالرِّضا تتجَمَّلُ

فكُنْ سالكاً حُكمَ الزمان فإِنه ... يجورُ مِراراً ثم يَحْنُو فيَعْدل

وقد كان حُسْنُ الصَّبْر من قبلُ ناصري ... فإِن دام ذا الإِعراض عني سَيَخْذُل

وأَحْزَمُ خلق الله رأْياً فتىً إِذا ... نبا منزِلٌ يوماً به يتحوَّل

فكم ملَّ منّي عائدي ومَلَلْتُه ... وعاصيت في حُبِّيك من كان يعذِلُ

وأَيّامُنا تُطْوى ولا وَصْلَ بيننا ... وتُنْشَر والهِجران لا يَتَزَبَّلُ

أَرى الحُسْنَ قد ولَّى عِذارك دَوْلَةً ... ولكنه عمّا قليلٍ سيُعْزل

فأَحْسِن بنا ما كان ذلك ممكناً ... وأَجْمِل فقتلي عامداً ليس يَجْمُل

وقال:

ترنُّمُ الوُرْقِ على غصونها ... دَلَّ أَخا العِشق على شُجونها

فجاد بالدَّمْع مَعين جفنِه ... ودَمْعُها لم يَبْدُ من عيونها

دعْ عنك لَوْمَ عاشقٍ أَضْلُعُه ... تحسّ حرَّ النّار في مضمونها

قد زاحم الوُرْقَ على رَنينها ... وشارَك النِّياق في حنينها

وقد بكى شوقاً إِلى قرينه ... كما بكت شوْقاً إِلى قرينها

وليس يبكي فقدَ ليلى أَحَدٌ ... في عَرْصَةِ الدّار سوى مَجْنونها

أَفدي الذي تفعلُ بي جُفونه ... فِعْل الظُّبا تُسَلُّ من جُفونها

ما ضَرَّه لو أَصْبحت أَخلاقه ... كَقَدِّه تُسعفني بلينها

وقال، مما يكتب على خريطة:

يا حاملي لا رأَيتَ الدهر إِقلالا ... وزادَك الله توفيقاً وإِقبالا

أَعطاك رَبُّك أَموالاً تنالُ بها ... بين الوَرى من جميل الذِّكر آمالا

الرزقُ يأْتيك والأَعمارُ ذاهبةٌ ... أَنْفِق ولا تَخْش من ذي العرش إِقْلالا

وقال من قصيدة:

وَمِيضَ بَرْقٍ أَرى في فيك أَمْ شَنَبا ... وهل رَشَفْتُ رُضاباً منه أَمْ ضَربَا

أَفْدي الذي ما أَبى باللَّحظِ سَفْكَ دمي ... لكن متى ما طلبْتُ العَطْف منه أَبى

ظَبْيٌ من الترك أَصْمَتْني لواحِظُه ... وأَسهم الترك إِن أَصْمَتْ فلا عجبا

يبدو بضِدَّيْن في خدَّيْه قد جُمِعا ... ماء الشباب ونار الحسن فاصْطحَبا

فذلك الماء أَبكى ناظريَّ دماً ... وذلك الجَمْرُ أَذْكى في الحَشا لَهَبا

<<  <  ج: ص:  >  >>