للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأَنّ منثورها، والعينُ ترمُقه ... دراهمٌ حين تبدو أَو دنانير

ما شئتَ من منظرٍ في روضها نَضِرٍ ... كأَنما نَوْرُه من حسنه نُور

تظلُّ أَطيارُها تشدون بها طرباً ... إِذا تبدَّتْ من الصبح التباشير

من بُلبلٍ كلّما غنّاك جاوَبَه ... فيها هَزارٌ وقُمْرِيّ وشُحْرور

كأَنما صوت ذا صَنْجٌ، يجاوبه ... من ذاك نايٌ، وذا بَمٌّ، وذا زِير

وله في مدح تاج الملوك أيضاً في زمن الربيع:

تاجُ الملوك، أَدامَ الله نعمته، ... أَسْخى البريَّة من عُجْم ومن عَرَبِ

مولىً، أَياديه في أَرض يَحُلُّ بها ... أَجدى وأَحسن آثاراً من السُّحُبِ

يُفَتِّح النَّورُ فيها من أَنامله ... فتنجلي منه في أَثوابه القُشُبِ

حتى ترى روضَها يحكي مواهبَه ... فالبعض من فضّةٍ والبعض من ذهب

وله من قصيدة فيه بعث بها إليه في المعسكر في أيام الربيع:

مولايَ، مجدَ الدين، قد عاودتْ ... دمشقَ مِنْ بعْدِك أَشجانُها

نَيْرَبُها قد مات شوقاً إِلى المَوْلى وواديها ومَيْدانُها

مالتْ إِليه في بساتينها ... من شدَّ الأَشواق أَغصانُها

وأَقسمْت من بعده لا صحا ... من لوعةِ الأَشجان نَشْوانها

وماسَ من أَشواقِه آسُها ... واهتزّ إِذْ بان له بانُها

وغنَّتِ الأَطيارُ من شَجْوِها ... واختلفت في الدَّوْح أَلحانها

واصفرّ في الرَّوْضة مَنْثُورها ... مِنْ شوقِه واخضرّ رَيْحانها

رقرقت الدمعَ عليه كما ... ترقرقت بالماء غُدرانها

فلا خَلَتْ يا خيرَ هذا الورى ... بُطْنانها منك وظُهْرانها

تلك هي الجنة، لكنّها ... مُذْ غِبْتَ عنها غاب رضْوانها

وله فيه وقد وعده بخلعة:

يا من له الشُّكر، بعد الله مُفْتَرَضُ ... عليّ، ما عِشْتُ في سِرّي وفي علني

إِن كان غيرُك لي مولىً أُؤَمِّلُه ... وأَرتجيه، فكانت خِلعتي كفني

وله يقتضيه بالخلعة وقد عزم على المسير إلى العسكر المنصور:

مولايَ جُدء لي بوَعْدي ... من قبل سَيْرِ الرِّكابِ

أَنعِمْ عليَّ بثوبٍ ... تَرْبَحْ جزيل الثواب

ثوب تكاملَ حُسْناً ... كخُلْقِك المستطاب

كأَنّه زمن الوصْل في زمان الشباب

وفوطة مِثل شَعْري ... رقيقة أَو شرابي

طويلة مثل ليلي ... لمّا جفا أَحبابي

كأَنها رَمَضان ... إِذا أَتى في آب

وله فيه:

يا حبَّذا أَبواه إِذ ... وَلَداه من كرمٍ وخِيرِ

وكذاك قد يُستخرج الدُّرّ النفيس من البحور

والشّمس من أَنوارِها ... يبدو سَنا القمر المُنير

ما زال مُنذُ فِطامه ... في عَقْلِ مُكْتَهِلٍ كبيرِ

مولىً حوى فضل الأَكا ... بر وهو في سنّ الصغير

ولقد رَقى دَرَج الأَوا ... ئل وهو في الزمن الأخير

وله فيه:

يا مَنْ يَعُمُّ سَماحُه ونوالُه ... كرماً كما عَمَّ السَّحابُ المُمْطِرُ

ويفوح ما بَيْنَ الأَنام ثناؤه ... فكأَنه في كلّ حيٍّ عَنْبَرُ

إِني شقيتُ وفي ظِلالك أَنعُمٌ ... ولقد ظمئت وفي يمينك أَبْحُر

ولقد ذَلَلتُ وأَنت حِصْنٌ مانعٌ ... ولقد ضَلَلْت وأَنت بدرٌ نَيِّر

أَغنى نداك الناسَ إِلاّ فاقتي ... فاللهُ يُغني من يشاء ويُفْقِر

فلئن نظرتَ إِليّ نظرة مُجْمِلٍ ... فلأَنت أَولى بالجميل وأَجدَر

ومدحني في مصر بهذه القصيدة، وهي في حسن الفريدة، في ذي القعدة من سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة:

أَمُطيلَ عَذْلي في الهوى ومُفَنِّدي ... هل أنت في غَيِّ الصَبابة مُرْشدي

هيْهاتَ، ما هذا المَلامُ بزاجري ... فانقُض، أَبَيءتَ اللعن، منه أَو زِد

<<  <  ج: ص:  >  >>