للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنت الفِداء ومَنْ يلوم لشادنٍ ... أَنا في هواه مضلَّلٌ لا أَهتدي

يجلو لعينك غُرَّةً في طُرّةٍ ... فيُريك أَحسن أَبيضٍ في أسود

يسطو على عُشّاقه من قَدّه ... وجفونِه، بمُثَقَّفٍ ومُهَنَّد

قمرٌ يظَلُّ الماءُ في وَجَناته ... والنارُ بين تَرَقْرُقٍ وتَوَقُّد

ومن العجائب أَنّ ناراً خالطت ... ماءً وأَن ضِرامها لم يَخْمَدِ

وكذاك ماءُ الدَمع إِن أَنْضَجْ به ... نارَ الصَّبابة والأَسى، تَتَوَقَّد

فصَبابتي لمّا تَخِفَّ، وأَدمُعي ... لمّا تجِفّ، وزفرتي لم تَبْرُد

كم بِتُّ أَرعى الفَرْقَدَيْن كلاهما ... شَعفاً بمن يرنو بِعَيْنَيْ فَرْقَد

آليتُ أَرقُدُ في هواه، ومن يكن ... ذا لوعةٍ وعلاقةٍ لم يَرْقُد

علّ الليالي يكتَسِينَ بشاشةً ... يوماً فتُنْجِز بعد مَطلٍ موعدي

إِنْ رقّ لي بعد القساوة قلبُه ... فالماء يقطُر مِنْ صِفاح الجَلْمَد

فأَجِلْ لحاظَك في محاسن وجهه ... إن تستطع نظراً إِليه وَرَدِّد

تنظرْ إِلى الأَنوار بين مُمَسَّكٍ ... ومسبج ومُنَرْجَسٍ ومُوَرَّج

فكأَنها نَوْرُ الربيع إِذا بدا ... أَوْ حسنُ خَطِّ محمَّدِ بن محمد

هذا عماد الدين والدنيا معاً ... وملاذُ كلِّ مُؤَمِّلٍ أَو مجتدي

هذا الذي ما أُغْلِقَتْ أَبوابُه ... من دون مُسْتَجْدٍ ولا مُسْتَنْجِد

هذا الذي أَحْيا العُلومَ وأَهلَها ... بعد الرَّدى، والعُرْفُ إِحياءُ الرَّدي

وأَبان منها كلَّ نَهْجٍ دارسٍ ... دَرْسَ الرُّسُوم من الدِّيار الهُمَّد

بيضاء حسنٍ ما دجت إِلاّ بدا ... فأَضاء مثلَ الكوكب المُتَوَقِّد

لو عاش حينئذٍ فرام تشبُّهاً ... عبدُ الحميد بخطِّه لم يُحْمَد

يَقِظٌ له القلمان في إنشائِه ... وحسابه، في مَصْدَرٍ أَو مَوْرِد

إِن حاول الإنشاء يوماً ما، فيا ... ناهيك من دُرٍّ هناك مُنَضَّد

ويُضَمِّنُ اللفظَ البديع معانياً ... أشهى من الماء الفُراتِ إِلى الصَّدى

وكأَنّ خطَّ حِسابه في طِرْسِه ... شَعرٌ تَنَمْنَمَ في عوارضِ أَغْيَدِ

لو قُلِّدَ الدُّنْيا كفاها وحدَه ... في الحالتين، ولم يُرِدْ من مُسْعِد

ولقام منتهِضاً بكلّ عظيمةٍ ... فبعلمه في الفقه كلٌّ مقتدي

فلوَ انّ أسعد عاش بعد وفاته ... يوماً فساجله به لم يَسْعَد

وإذا انبرى للشعر خِلْتَ قريضَه ... أَطواقَ دُرٍّ في نحورِ الخُرَّد

شِعْرٌ ترشَّفُه النفوس كأَنّه ... لفظُ الحبيب مقرِّراً للمَوْعِد

أو طيبُ وَصْلٍ بعد كُرْهِ قطيعةٍ ... من ذي انبساط بعد طولِ تَجَعُّد

وإِذا تفاخر بالأرُوم مَعاشِرٌ ... فله العلاءُ عليهم بالمَحْتِد

مازال يُخْبِر فضلُه بل نيلُه ... عن حُسْنِ شيمته وطيبِ المولد

جَلَّ الذي أَعطاك يا ابن محمّدٍ ... في كلّ فضلٍ باهرٍ طولَ اليد

أَقسمتُ بالكرم الذي أُوتيتَه ... لولاك ما اتّضحتْ سبيلُ السُّؤْدُد

وكتب إلي أيضاً:

أَلا قُلْ لمن ذَمّ الزمان جَهالةً ... وَعَنّفه فيما جَناه وفَنّدا

دَعِ العجز وانهض غير وانٍ إِلى امرئٍ ... يكُنْ لك فيما أَنت راجيه مُسْعِدا

فإِنّك لم تبلغ من الدهر طائلاً ... وتحمَدُه حتى تزورَ مُحَمّدا

<<  <  ج: ص:  >  >>