مواهبٌ هُنّ في ثغر النَّدى شَنَبٌ ... مناقبٌ هنّ في جيد العُلى جَيَد
رغائب لك لا تفنى غرائبُها ... فعند كلِّ يدٍ من بيضهن يَد
فللمُحاسِن منها نافِخ صَرِدُ ... وللمُخاشن منها لافِحٌ وَمِد
فاسلم وجيشُك لا يُنْنى له عَلَمٌ ... واسعد وبيتُك لا تهوي له عُمَدُ
بحيثُ من مُخْطَفٍ لَدْنٍ له طُنُبٌ ... وحيث من مُرْهَفٍ عَضْبٍ له وَتَد
وحيث شأنُك سامٍ ما له صَبَبٌ ... وحيث شانيك هاوٍ ما له صُعُد
ثم لقيت سعادة الضرير فاستنشدته الكلمة الطائية التي مدح بها الملك الناصر بمصر، لما وفد إليه بها في مبدإ الأمر، وقد حبي بالنصر، فأعطاه ألف دينار من التبر. وأملى من حفظه:
وقفتُ وأَنضاءُ المَطِيّ ضُحىً تُمْطُو ... وُقوفَ جَوٍ أَنْحى على قُرْبِه الشَّمْطُ
على دارساتٍ من رُسومٍ كأَنّها ... صحائف كُتْبٍ لا يَبينُ لها خَطُّ
معالم دارٍ بل معاهد عَرْصةٍ ... بها للقَطا من بعدِ ساكِنها لَغْط
فلو لَقَطَتْ يوماً عقيقَ مدامعي ... بدِمْنَتِها ظمياءُ أَمْلَلَها اللَّقْط
ولو سفَح الكِنديُّ بالسِقْط مثلَ ما ... سَفَحْتُ بها أَثنى على دَمعه السِقْطُ
خليليّ هلْ مِنْ حاملٍ لي تحيّةً ... إِلى قمرٍ نجمُ الثريّا له قُرْط
نَشَدْتُكما بالشام عُوجا فسَلِّما ... على ظَبَياتٍ أُسْدُ أَلحاظها تَسْطو
على المائسات اللاءِ رَنَّحها الصِّبا ... على الآنسات اللاءِ نَفَّرَها الوَخْط
وقولا لِمَنْ يَعْطو إِليها صَبابةً ... فتنفِرُ عنّا كالمَهاةِ ولا تَعْطو
أَشَرْطُك يا ظمياء أَن لا تهاجرٌ ... مُقيمٌ لِمَنْ يَهْواك أَم عُدِم الشَّرْط
بنفسي وأَهلي أَنتِ مِنْ بابليّةٍ ... لها وإِليها الحَلُّ، في السِّحْر، والرَّبْط
وبي دُمْيَةٌ مِنْ دونها تُحْطَمُ القنا ... ويجري على أَعطافهنّ دمٌ عَبْط
مُخَفَّفَةُ العِطْفين مَهْضُومة الحَشا ... مُثَقَّلَةُ الرِّدْفَيْن يوهِنُها المِرْط
أَتَتْ بين حِقْفِ مائج وأَراكةٍ ... مُنَعَّمَةٍ أَوراقها الشَّعَرُ السَّبْ
فنصّت على الكافور منها سوالفاً ... على الجُلَّنار الغضّ من مِسْكها نَقْط
وعَنّتْ بِعُنّابٍ تَنوء بحمْله ... أَنابيبُ دُرٍّ زانها الخَلْقُ لا الخَرْطُ
ونار شفاهٍ حَوْلَ جَنَّةِ مَبْسِمٍ ... مَزاجاهما شَهْدٌ جَنِيٌّ وإِسْفَنْط
فلا، ولمّاها العذبِ، لا كنتُ ناقضاً ... عهودَ هواها لا ولا سالياً قطّ
وكيف وعندي من هواها صَبابةٌ ... تكاد بها مني الجوانح تنقطُّ
ووَجْدٌ كوَجْد الناصر المَلْك بالعُلى ... وبالشَّرف السامي الذي ما له هَبْط
فتىً مُهْتَدي الآراء في كلِّ حادثٍ ... مُضِلٌّ لآراءِ الملوك بها خَبْط
له هَيْبَةُ الليث الذي ما به ونىً ... وأُكْرومةُ الغَيْثِ التي ما لها غَمْط
وما كُتْبُه، مُذْ كان، إِلاّ كتائبٌ حُروفُ ظُباها في الطُّلى ما لها كَشْطُ
وليس له، ما عاش، إِلاّ من القَنا ... قَنا الخطِّ، أٌَلامٌ إِذا ذُكِرَ الخَطّ
يَخُطُّ بها ما شاء من صُحُف الظُّلى ... فطوراً لها شَكْلٌ وطَوْراً لها نَقْط
أَنابيب تجري كالأَنابيب من دَمٍ ... إِذا بَرْيُها في الرَّوْع أَتْبَعَهُ القَطّ
أَفاعي رِماحٍ أُضْرِيَتْ في عُداتِه ... فليس لها من غير أَرواحهم نَشْط