للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلَّما أَطْمَعني ضدُّه ... عاد به التيهُ إلى الرَّسْم

وقوله في إسماعيل بن بكار:

أَسْمَرُ عِيلَ الصَّبْرُ في حُبِّه ... ليس له في الحُسْن من مُشْبِهِ

إِنْ شِئْتَ أَنْ تَعْرِفَه باسْمِه ... أَفْرِدْه من رابِع حَرْفٍ به

طُوبى لِمَنْ بات لهُ ليلةً ... عكس أَبيه لهِوى قلبه

وقوله في اسم يحيى بن عطية:

مَنْ نال مِنْ يَحْيى اسمَ والدِهِ ... أَيْقَنْتُ حقّاً أَنّه يحيا

وَمَنِ ابتلاه بطُولِ هِجرته ... وجفا عليه فليس في الأَحْيا

وأنشدني له في الاستطراد بمن كان زاهداً في شبابه ثم حرص في مشيبه ورغب في الدنيا:

تَجَلَّدْتُ عنها في الشّبابِ لِعِزَّةٍ ... وأَبْدَيْتُ بعد الشَّيْب ذِلَّة مَفْتونِ

فقالتْ: أَزُهداً في شَبابٍ، ورغبةً ... بِشَيْبٍ أَنا المشتاق وأنت ابنُ فضلون

وأنشدني له في هجو إنسانٍ بمصر:

أَحكمتْ عِرسُه ضُروبَ الأَغاني ... من ثقيلٍ في رأسه وخفيفِ

وتمنّتْ عليه كلَّ الملاهي ... غيره وحدَه لمعنًى لطيف

فقضيباً لاسمٍ وناياً لشكلٍ ... ورَباباً للجرِّ والتصحيف

وله من قصيدة:

عُدني وإلاّ فِعْدني ... إنْ صحّ جسمي تزورُ

تاريخُ وَصلك عندي ... مُذْ لَمْ أَنَلْهُ شُهور

وإِنّ هِجرانَ يومٍ ... على المحبّ كثير

وأنشدني لنفسه:

قُلْ للرّوافض: إنّكُمْ في سَبِّكم ... أَهلَ الهدى مَع حُبّنا عَلَم الهُدى

مِثْلُ النّصارى لا نَسُبُّ لأَجلهم ... عيسى وقد سَبُّوا النَّبَّي مُحَمَّدا

ثم سافر إلى مصر وأقام في ظل الملك الناصر، وإنعامه الوارف الوافر، وفاز بالجاه الظاهر والإحسان المتدارك المتواتر، وكنا مخيمين بمرج الفاقوس، مصممين على الغزاة إلى غزة، مرنحين أعطاف نشاطنا المهتزة، وقد وصلت أساطيل ثغري دمياط والاسكندرية بسبي الكفار، وقد أوفت على ألف رأسٍ عدة من وصل في قيد الإسار، فحضر ابنر رواحة منشداً مهنئاً بالعيد، ومعرضاً بما وهبه الملك الناصر من الإيماء والعبيد، بقصيدةٍ منها، وذلك في عيد النحر سنة اثنتين وسبعين:

أَيَحْسُن بعد ضَنِّكَ حُسْنُ ظنّي ... فأَجمعَ بين يأسي والتَّمنّي

وما نَفْعي بعَطْفِك بعد فَوْتٍ ... كَرِقّة شامتٍ من بعد دفن

أَأَطْمَعُ أَن أَكون شهيدَ حُبٍّ ... فأَصْحبَ منك حُوريّاً بعَدْن

قيل له هذا البيت حسنٌ لولا أن الحوري مذكر.

ملكتَ عليَّ أَجفاني وقلبي ... فأَبعدتَ الكرى والعَذْل عنّي

فكم أَرعيتَ غير اللَّوْمِ سمعي ... وكم أَوْعيتَ غير النوم جفَني

صَدَدْتَ وما سوى إِفراطِ وَجْدي ... لك الداعي إلى فَرْط التجنّي

لقد أَبديتَ لي في كلّ حُسْنًٍ ... ضروباً أَبدعت كلَّ حُزن

فكم فنٍّ من البلوى عَراني ... لِعْشق الوصفِ منك بكلِّ فنِّ

كأَنّكَ رُمْتَ أَن أَسلوك حتى ... أَقمتَ الشِّبْه في بَدْرٍ وغُصْن

فأَلْبَسَ وجهُك الأَقمارَ تمّاً ... وعلَّم قَدُّك البانَ التثنّي

رماني في هواك طِماحُ طَرْفي ... إلى حُسْنٍ فأَخلف فيك ظنّي

فكم دمعٍ حَمَلْتُ عليه عيني ... وكم نَدَمٍ قَرَعْتُ عليه سِنّي

غدرتَ وما رأَيتَ سوى وفاءٍ ... فهّلا قبل يَغْلَقُ فيك رَهْني

ولو حكم الهوى فينا بعدلٍ ... لكنتَ أَحَقَّ بالتعذيب مِنّي

ومنها:

أَقمتَ الموتَ لي رَصَداً فأَخشى ... زيارتَه وإِن يك لم يَزُرني

كما رَصد العِدى في كلِّ يومٍ ... صلاح الدين في سَهْلٍ وحَزْن

يَرَوْن خياله كالطيف يَسْري ... فلو هَجَعوا أَتاهم بعد وَهْن

أَبادَهُمُ تَخَوُّفُه فأَمسى ... مُناهُمْ لو يُبَيِّتُهم بأَمْن

<<  <  ج: ص:  >  >>