للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما أَرى غير أَحجارٍ مُنَضَّدَةٍ ... قد احْتَوَتْكَ ومأْوى الدُّرَّةِ الصَّدَفُ

فأَنْثنى لستُ أَدري أَين مُنْقَلَبي ... كأَنّني خائف في الليل يَعْتَسِف

إِن قصّر العُمْرُ بي عن أَن أَرى خَلَفاً ... له ففي الأَجر عند الله لي خَلَف

أَقول للنفس إِذ جدَّ النِّزاعُ بها ... يا نفسُ ويَحْكِ أَين الأهلُ والسَّلف

أَليس هذا سبيل الخَلْق أَجمِعِهم ... وكلُّهُم بوُرودِ الموت مُعْتِرف

كم ذا التأَسُّفُ أم كم ذا الحنين وهل ... يَرُدُّ مَنْ قَدْ حواه قَبْرُه الأَسَف

وقال:

تَقَلُّبُ أَحوالِ الزّمان أَفادني ... جميلَ الأسى في يَنُوب من الخَطْبِ

إِذا حَلَّ ما لا يُستطاع دِفاعُه ... فما أَجملَ الصبرَ الجميل بذي اللُّبّ

وقال:

صَبْراً لأَيامٍ تنا ... هتْ في مُعاندتي وعَضّي

فالدَّهْرُ كالميزان ما ... يَنْفكُّ مِنْ رفعٍ وخَفْضِ

هذا مع الأَفْلاكِ مُرْ ... تفعٌ وذا بحَضيض أَرْضِ

وإِلى الفناء جميعُ مَنْ ... خَفَضَتْه أَو رَفَعَتْهُ يُفْضي

وقال:

أَرجأْتُ كُتْبي إِلى حين اللقاءِ فقد ... أَكْدى رَجائي وزاد الشوقَ إِرجائي

وأَلجأَتْني إِلى صبري مَوانِعُ أَيّ ... امي فلم يُسْلِني سَعْي وإِلجائي

حتى أَحاطَتْ بيَ الأشواقُ واشْتملتْ ... عليَّ واسْتحوذَتْ مِنْ كل أَرجائي

فهل سبيلٌ إِلى قُربٍ يُميط شَجَا ... صَدْري فقد طال تَبْريحي وإِشجائي

وقال:

حُسْنْ التّواضعُ في الكريم يَزيدُه ... فَضْلاً على الأَضْراب والأَمْثالِ

يكْسُوه مِنْ حسن الثَّناءِ مَلابِساً ... تَنْبو عن المُتَرَفِّع المُخْتال

إِنّ السيول إِلى القَرارِ سَريعةٌ ... والسّيْل حَرْبٌ للمكان العالي

وقال وكتب بها إلى ولده الأمير مرهف من حصن كيفا جواباً عن كتاب أنفذه إليه مع مستميحٍ لم يتمكن من بلوغ مآثره من بره:

أَبا الفوارس ما لاقْيتُ من زمني ... أَشدَّ من قَبضِه كَفّي عن الجُودِ

رأى سَماحي بِمَنْزورٍ تجانفَ لي ... عنه وُجُودي به فاجْتاح مَوْجُودي

فِصرْتُ إِن هَزّني جانٍ تَعَوَّدَ أَنْ ... يَجْني نَدَايَ رآني يابِسَ العُود

وقال في المعنى:

أَبا الفوارس إِن أَنكرتَ قَبْضَ يَدي ... مِنْ بعد بَسْطَتِها بالجُودِ والكَرَمِ

فالذَّنْبُ للموتِ أَرجاني إِلى زَمنٍ ... غَلَّتْ أَكُفَّ النّدى بُؤْساه بالعَدَم

وقال:

حَذَّرَتْني تَجارِبي صُحْبَةَ الع ... لَمَ حتّى كَرِهْتُ صُحْبَة ظّلِي

ليس فيهم خِلٌّ إِذا ناب خَطْبٌ ... قلتُ ما لي لدِفَعْه غيرُ خِلّي

كُّلُهْم يَبْذُل الوِداد لدى اليُسْر ... ولكنهم عِدىً للمُقِلِّ

فاعْتَزِلْهُم ففي انفرادِك مِنْهُم ... راحةُ اليَأْسِ من حِذار وذُلٍ

وقال:

سُقُوفُ الدُّورِ في خَرْبِرْتَ سُودٌ ... كَسَتْها النّارُ أَثوابَ الحِدادِ

فلا تَعَجبْ إذا ارتفعتْ علينا ... فلِلْحَظِّ اعتناءٌ بالسَّواد

بياضُ العَيْنِ يكسُوها جَمالاً ... وليس النّورُ إلاّ في السَّواد

ونور الشَّيْب مكروهٌ وَتْهوى ... سوادَ الشَّعْرِ أَصنافُ العِباد

وطِرْسُ الخطِّ ليس يُفيدُ عِلْماً ... وكلُّ العِلْم في وَشْي المِداد

وقال يرثي ولده عتيقاً:

غالَبَتْني عليك أَيدي المَنايا ... ولها في النّفوس أَمرٌ مُطاعُ

فَتَخَلَّيْتُ عنك عَجْزاً ولو أَغ ... نى دِفاعي لطال عنك الدِّفاعُ

وأَرادتْ جَميلَ صَبْري فرامَتْ ... مَطْلباً في الخُطوب لا يُسْتطاع

وقال فيه:

<<  <  ج: ص:  >  >>