للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومهزوزةِ الأعطاف مال بها الهوى ... إليَّ مَميلَ الريحِ بالغصنِ النَّدي

تُوَدِّعني والطَّرْفُ للطَّرْف باذِلٌ ... لطائفَ لم تسمح بها اليدُ لليدِ

تقولُ وسِلْكُ الدمعِ ينثرُه البُكا ... على صَحْنِ مَطلولِ الأديم مُوَرَّد

وقد زَحزحتْ ياقوتَتَيْن أضَلَّتا ... شَتيتَ أَقاحٍ كالجُمانِ المُنَضَّد

تَوَقَّ بعهدي وارْعَهُ إنها نوىً ... لها أمَدٌ في جَرْيِها وكأنْ قَدِ

فللهِ ما قالتْ وولَّتْ لو أنَّه ... يَبُلُّ ويَشْفي غُلَّةَ الهائم الصَّدِي

قفي واسْعدينا يا سُعاد ونَوِّلي ... قليلاً وإنْ لم يُجْدِ نفعاً وزوِّدي

وله:

توَلَّعي يا نَسَمَاتِ نَجْدِ ... بالشِّيحِ في ذاك الحِمى والرَّنْدِ

لعلّ رَيّاكِ إذا ما نَفَحَتْ ... تعودُ حَرَّ لَوْعَتي ببَرْد

أصبو إلى ريح الصبا لو أنها ... تُهدي حديث الحيِّ فيما تُهْدي

أسألُها هل صافحتْ مَواقِفاً ... أَوَدُّ لو صافحتُها بخَدّي

أشتاق تقبيلَ ثَراها كلّما ... هاجَ اشتياقي واستطار وَجْدِي

أَستودِعُ اللهَ بها قلبي فقد ... طال به بعد الفِراق عَهْدِي

كان معي قبلَ رحيلي عنهمُ ... ثم رحلتُ وأقام بعدي

يا قمري متى تلوحُ طالعاً ... تُطْفي بماءِ الوَصْلِ نارَ الصَّدِّ

لَهْفِي على زمانِ قُرْبٍ ما وفى ... بما أُلاقي من زمانِ البُعدِ

أبكي ويبكي رحمةً لي مَعْشَرٌ ... ما عندهم منَ الهوى ما عندي

تجَمَّعوا فيكَ على الحبِّ معي ... لكنني كنتُ المُعَنَّى وَحْدِي

ويلاهُ من شوقٍ تبيتُ نارُه ... تَشُبُّ بين أَضْلُعي وجِلْدي

ومن غليلٍ في الفؤادِ كلّما ... ذكرتُ في حُبِّك صَفْوَ وِرْدي

يا بَيْنُ أنجزتَ وعيدي فمتى ... تُنجِزُ أيام اللقاءِ وَعْدِي

ولائمٍ عنَّفني وما درى ... أنّ ضلالي في هواك رُشْدي

قلتُ له دعني فلا وحقِّه ... لا حُلْتُ عن نُصحي له وودّي

أول من نظم على هذا الأسلوب ابن المعلم من بلد واسط في كلمته التي أولها:

تنَبَّهي يا عَذَبَاتِ الرَّنْدِ ... كم ذا الكرى هَبَّ نسيمُ نجدِ

وقد أوردتُ ذلك في أشعار الواسطيّين.

وقال حمّاد الخراط:

تذكَّر بالحمى عهداً فحنّا ... وأظهر من هواه ما أجنّا

ولاح له على هضَبات نجدٍ ... بريقٌ يخطَفُ الأبصار وهْنا

تعرَّضَ والعواذل هاجعاتٌ ... ولم يطْرُق له التغميضُ جَفنا

فأنَّ صبابةً ولو أنَّ رضوى ... تحمَّلَ بعضَ لوعته لأنّا

أهاتفةَ الأراكِ بكَيتِ شَجْواً ... لِوَشْكِ البين أم رجَّعْتِ لحنا

دعيني والبكاءَ فلستِ منّي ... وإن هَيَّجْتِ لي شوقاً وحُزنا

وما مَن ناحَ عن ثكلٍ وفَقدٍ ... كمن أوفى على فنَنٍ فغنّى

كلانا يا حمامةُ، حينَ تَبلى ... سرائرُ حبِّه، الصَبُّ المُعَنّى

نسيمَ الريحِ هل راوَحْتَ سهلاً ... لذاكَ الجَوِّ أم غاديْتَ حَزْنا

أعِدْ نفحاتِ أنفاسِ الخُزامى ... لتنشُرَ ما طواه البينُ عنّا

منىً ليَ أن أَسُفَّ شذاهُ غَضّاً ... لو انَّ المرءَ يُدرِكُ ما تمنّى

وأن أُحْبى بِرَيّا البان إمّا ... ترنَّحَ في هبوبك أو تثنّى

بحقِّكِ هل مسحتِ كثيبَ رملٍ ... على العلَمَيْن أم جاذَبْتَ غُصنا

ألا لله أيّامٌ تقضَّتْ ... به ما كان أعذبَها وأهنا

أراني كلّما أبديتُ فنّاً ... من الذِّكرى أجَدَّ لشوقُ فَنّا

سقى تلكَ العهودَ عِهادُ دَمْعٍ ... يجودُ لها إذا ما الغيثُ ضَنّا

<<  <  ج: ص:  >  >>