للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال:

بدْرٌ بدا للعيونِ تَرمُقُه ... يرشُقها لحظُه وترشِقُه

طالعَنا والقلوبُ مغربُهُ ... عَلاقةً والجيوبُ مَشرِقُه

تيَّمني شكلُه وقامتُه ... وصادني قُرطُه وقَرْطَقُه

ثناه دَلُّ الصِّبا فأَرَّقَني ... قضيبُ بانٍ يهتزُّ مُورِقُه

يشكو كما أشتكي مؤَزَّرُه ... إذا تلوّى به مُمَنْطَقُه

يفترُّ عن لؤلؤٍ يُنظِّمُه ... لناظري ثغرُه ومَنطِقُه

أقولُ والقلبُ مُغرمٌ بهوىً ... تلذعُه نارُه وتَحرقُه

مولاي مولايَ ذا الأسير أما ... تَفُكُّه بالرِّضى وتُطلِقُه

وإنَّه العبدُ ليس يملكُه ... غيرُ رحيمٍ، بالوصل يعتقُه

يا باخلاً ما يكادُ يسمحُ لل ... صّبِّ ولا بالخيال يطرقه

لا روَّع الله مَن يُرَوِّع بالصّ ... دود قلبي عمداً ويُقلقه

وأصلحَ الله غادراً أبداً ... يكذبُني في الهوى وأصْدُقُه

وقال:

فديْتُ بدراً في القلب مطلعُه ... يسير فيه وليس يقطعُه

أنزله الحُبُّ منه مَنزلةً ... زعزعَ منه ما لا يزعزعُه

ما ضرَّه، لا عدِمْتُ سطوتَه ... لو رقَّ ممّا ينال موضعه

ضنَّ ببعض الرِّضى على كَلِفٍ ... لولا هواه المصون أجمَعُه

مولاي أسرفتَ في تحَيُّن مَن ... يعطيكَ ما عنده وتمنعه

شفيعُه ذلُّه إليك إذا ... أعزَّكَ الحُسْنُ لو تُشَفِّعُه

أما ترى ما تقولُ شاكيةً ... إليكَ أنفاسُه وأدمعُه

حسبُك بادي شحوبه خَبَراً ... عن بعض ما تحتويه أضلعُه

بالله راجعْ جميلَ رأيكَ في ... وِداد خِلٍّ إليكَ مرجعُه

ولا تُضِعْ عهدَ ذي محافظةٍ ... فأظلمُ الناس مَن يضيِّعُه

وقال:

ألا هل لماضي العيشِ عندكِ مرجِع ... وهل فيه بعد اليأس للصَّبِّ مطمَعُ

لقد أُولِعَتْ بالصَّدِّ عنّي وإنَّني ... لفُرقتها، ما عشتُ، بالوجْدِ مُولَعُ

أُضاحِكُ حُسّادي فيغلبُني البُكا ... وأكتُم عُوّادي وإنّي لمُوجَع

إذا خطرت من ذكرها ليَ خطْرَةٌ ... تكاد لها أنياطُ قلبي تقطَّع

وقال:

عاقرَني لحْظُ عينِه السِّحْرا ... حتّى تطفَّحْتُ بالهوى سُكْرا

ومال نشوانَ غيرَ مُحتشِمٍ ... والرّاحُ قد سوَّلَتْ له أمرا

فملتُ حتّى الصّباح معتنِقاً ... منه قضيباً، مقبِّلاً بَدرا

إذا تناولْتُ من مراشِفِه ... كأْساً سقاني بلحظِه أُخرى

كان وِصالي نَذراً عليه فقد ... جادَ ووفّى، فديْتُه، النَّذْرا

يا مَن دعاني إلى الغرام به ... لبَّيكَ أَلْفاً في الحبِّ لا عَشرا

جئتُكَ طَوعاً فاعصِ المَلامَ وصِلْ ... فيه بنا الوصلَ واهجَرِ الهَجرا

ليتكِ يا ليلةَ السّرور به ... بُدِّلْتِ في كلِّ ساعةٍ دهرا

وباخِلٍ جادتِ المُدام به ... فبِتُّ أُولي مذمومَها شُكرا

لمّا أباحتْ سُلافَ رَبقتِه ... وصرَّفَتْني في صِرفها جَهرا

غنَّيْتُ أُدني لوائمي طرباً ... حَلَّت ليَ الخمرُ فاسقني الخمرا

زِدْ، عَمرَك الله، من مُجاجتها ... ولا تراقب زَيداً ولا عَمرا

طالعْ معي دَنَّها تَجِدْ عجباً ... ليلةَ بينٍ قد أطلعَتْ فجرا

وابتدرَتْ للغروب أنجمُها ... نحو فُرادى بدُورِنا تَتْرى

يا حبَّذا والكؤوسُ دائرةٌ ... أجسامُ ثلجٍ تقاذفَتْ جَمرا

ترى اليواقيتَ من مُشَعْشَعِها ... قد كُلِّلَتْ من حَبابها شَذْرا

<<  <  ج: ص:  >  >>