وأَصْباهُ مُرتاحاً قضيبٌ على نقاً ... تَهُبُّ له ريحُ الصَّبا فيَميد
أيا سائقَ الأظعان من أرض جَوشَنٍ ... سَلِمْتَ ونِلتَ الخِصبَ حيثُ تَرود
أبِنْ ليَ عنها تشْفِ ما بي من الجَوى ... فلم يَشْفِ ما بي عالجٌ وزَرود
هَلِ العَوَجان الغَمْرُ صافٍ لواردٍ ... وهل خضَبَتْهُ بالخَلوق مُدود
وهل عينُ أَسمونيث تجري كمقلتي ... عليها وهل ظِلُّ الجِنان مَديد
إذا مرِضَتْ وَدَّتْ بأَنَّ ترابَها ... لها دون أكحال الأُساة بَرود
وهل ساحرُ الألحاظ تُحفَظُ عنده ... مواثيقُ فيما بيننا وعهود
تُمَثِّلُ لي عيني على النّأْي شخصَه ... فيَقرُبُ مني والمزارُ بَعيد
أراحَ عليَّ الشَّوقُ عازبَ زَفرتي ... وردَّ إليَّ الهمَّ وهو طريد
وقد غرَّني قلبٌ أرانيَ أنَّه ... على طول أيّام الفِراق جَليد
وأعجَبُ منّي أن صبرْتُ ليالياً ... وإنَّ اصطباري ساعةً لشديد
وما كنت أدري أن تَشُطَّ بك النّوى ... ويسعى عدوٌّ بيننا وحَسود
وأن نصيبي من ودادك لوعةٌ ... لها في فؤادي والضُلوع وَقود
قَسوتَ فما يُدني ثَواكَ تَقَرُّبٌ ... إليك ولا يثني نواك صدود
وأفنيتُ عُذرَ النفس فيك ولم أزل ... أَسُدُّ طريقَ العُذر وهو سديد
وقد يُحْبِبُ الإنسانُ ما فيه نقصُه ... ويُبغِضُ ما يَنمي به ويزيد
ويؤثِرُ من غير الضَّرورة ضُرّهُ ... ويرغب عمّا سرَّه ويَحيد
هو الجَدُّ لا يُعطي المَقادةَ صعبُه ... ويبدئ في إسماحه ويُعيد
نُريد من الأيّام تصفو من الأذى ... وتضْفو ولا يقضي بذاك وُجود
وكيف نرومُ العيشَ خِلواً من القَذى ... وللماء من بعد الصَّفاء رُكود
تجَمَّعَ من بعد اجتماع مودةٍ ... خليل، وعن ذوب النُّضار جُمود
وأين الذي يبقى عليك ودادُه ... وأين الذي تختاره وتُريد
إذا كان يُعطى المرءُ ما يستحقّه ... تساوى شقيٌّ في القضا وسعيد
ومِن حُبِّنا الدُّنيا، على سوء فعلها ... يُعافُ ذميمُ العيش وهو حميد
وأَنّى ترى طَرْفاً عن الحِرص طارِفاً ... لِيسأَمَهُ والزُّهدُ فيه زهيد
وليس لمرءٍ في القناعة بُغيَةٌ ... فتُلفى، وشيطان المَراد مَريدُ
إذا لم تجدْ ما تبتغيه فخُضْ بها ... غِمارُ السُّرى، أُمُّ الطِّلاب وَلود
فكم خرَّقَتْ بطنَ الجَبوب أَساوِدٌ ... وكم ركبت ظهر الصعيد أُسود
فلا قرةٌ إلاّ وأنت مؤمَّلٌ ... ولا ثروةٌ إلاّ وأنت تجود
وله:
إذا الله أعطاكَ الغِنى فأفِدْ به ... سِواكَ ولا تَحرمْهُ يَحرِمْكَ فضلَهُ
فذاك امتحان، إنْ تُنِلْه تنَلْ به ... مَزيداً وإن تمنعه يجتَثُّ أصلَه
ولابن أبي الخرجين:
الناسُ كالأرض ومنها همُ ... منْ خَشِنِ اللَّمْس ومِن لَيْنِ
مَرْوٌ تَوَقَّى الرِّجْلُ منه الأذى ... وإثْمِدٌ يُجعَلُ في العين
وله:
تُنمَى إليه السَّمهَرِيَّةُ والظُّبى ... فتطولُ للقربى به وتصول
يُجدي ويُردي فهو في محْل الحيا ... خِصْب وفي خِصب الحياة مُحول
وله في مُغَنٍّ:
خَفَّ الثَّقيلُ فجاء طَوْعَ بَنانه ... لما دعاه وأَصْحَبَ المَزمومُ
لا يخرج النَّقَراتِ عن موضوعها ... فكأَنَّه في ضَربه معصوم
وله:
يا أبا البِشْر بشَّر الله رَبعاً ... أنتَ فيه ثاوٍ، بصَوبِ الربيع