للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ومن شعره قوله:

أَحبابَنا شَفَّنا لِهَجركُمُ ... وبُعدِنا من وِصالِكُمْ، خَبَلُ

فإن قطعنا لا تَحفِلون بنا ... وإن وصلناكُمُ فلا نصِلُ

فأرشدونا كيفَ السبيلُ فقد ... ضاقت بنا في هواكُمُ الحِيَلُ

شأْنُ المحِبِّين أنْ يدوموا على الْ ... عَهد وشأْنُ الأحِبَّة المَلَل

ثم طالعت بمصر ديوانه فكتبت منه ما ارتضيتُه، وذَخَرت من نقده ما وفَّيته حق الانتقاد، وأنجزته بعد ما اقتضيته. فمن ذلك قوله:

لقاؤكَ أغلى من رُقادي على جفني ... وقُرْبُكَ أَحلى من مُصاحَبة الأمن

أَيا مَنْ أَطَعْتُ الشوقَ حتى أتيتُه ... وأَيقنتُ أَنّي قد لجأْتُ إلى رُكْنِ

لئن لم أَفُزْ منكَ الغَداةَ بنظرةٍ ... تُسَهِّلُ من وَعرِ اشتياقي فواغَبْني

وقوله:

وَجدٌ قديمٌ وهوىً باقِ ... ونظرةٌ ليس لها راقِ

ودمعُ عينٍ أبداً حائرٌ ... ليس بمنهَلٍّ ولا راقِ

أَحبابنا هل وَقفةٌ باللِّوى ... تُسعِفُ مُشتاقاً بمُشتاق

وهل نُداوَى من كُلوم النَّوى ... بلَفِّ أَعناقٍ بأعناق

ما زلتُ من بينِكُمُ مُشْفِقاً ... لو أنَّه ينفع إشفاقي

أعوم في لُجَّة دمعي إذا ... ما أُضرِمَتْ نيرانُ أَشواقي

وَجْدي بكم نَقْدٌ، وميعادُكم ... مُنكسرٌ في جملة الباقي

يا ساقياً خمرةَ أجفانه ... لهفي على الخمرة والساقي

أما تخافُ الله في مُقلةٍ ... لا عاصمٌ منها ولا واقِ

كأَنَّها كَفُّ الأَجَلِّ انبرَتْ ... تَعْدو على المال بإنفاق

وقوله:

إنَّ بين السُّجوف والأرواقِ ... فتنةً للقلوب والأحداق

ومَريضُ العهودِ تُخبرُ عَيْنا ... هُ بما في فؤاده من نِفاق

أنا منه في ذِلَّةٍ وخُضوعٍ ... وهو مني في عِزَّة وشِقاق

سدَّدَ السَّهْمَ من جفونٍ إذا ما ... فُوِّقَتْ لم يكن لها من فواق

وليالٍ من الصِّبا بتُّ أَسْتَعْ ... رِضُ فيها نفائس الأعلاق

حيث لا نَجمُها قريبٌ من الغر ... بِ وليست بُدورُها في مَحاق

فُزْتُ بالصَّفْو في دُجاها ولم أَدْ ... رِ بأَنَّ الإشراقَ في الإشراق

يا خليليَّ هل إلى معهد الحَيِّ ... سبيلٌ للهائم المُشتاق

إنَّ وَجدي به وإن طال عهدي ... لحديدُ القُوى سديدُ الوَثاقِ

مثلُ وَجد القاضي المُوَفَّق بالمج ... دِ وقِدماً تصاحَبا بوِفاق

ذاكَ مولىً كأنَّما سلَّم اللَّ ... هُ إليه مفاتح الأرزاق

ذو مَعالٍ مُقيمةٍ في ذُراه ... وثناءٍ يسيرُ في الآفاق

وندىً لا يزال يدأبُ في طُرْ ... قِ النَّدى سائراً إلى الطُّرّاق

وقوله كتبه إلى أخيه بالشام من مصر:

فؤادٌ بتَذكار الحبيب عميدُ ... وشوقٌ على طول الزّمان يزيد

وعينٌ لبعد العهد، بين جُفونِها ... قريبٌ، ولكن اللقاء بعيد

وما كنت أدري أنَّ قلبي صابرٌ ... وأنّي على يوم الفراق جليد

ومنها:

أريدُ من الأيّام ما لست واجِداً ... وتوجدُني ما لا أكادُ أُريدُ

وقوله:

سريرةُ حُبٍّ ما يُفَكُّ أَسيرُها ... ولوعةُ قلبٍ ليس يخبو سعيرُها

ونفسٌ أبتْ أنْ تعرف الصبر عنكُمُ ... وكيف وأنتمْ حُزنُها وسرورها

وهل حاملٌ منّي إليكم تحيَّةً ... إذا تُليَتْ يوماً يضوعُ عبيرها

ومنها:

رعى اللهُ أَيّامَ الصِّبا كلَّما هفَتْ ... صَباً، فشفى مرضَى القلوب مُرورُها

فهل لي إلى تلك المنازل رَجعَةٌ ... أُجَدِّد من وَجدي بها وأزورها

لئنْ نزحَتْ داري فإنَّ مودَّتي ... على كدَر الأيّام صافٍ غديرُها

<<  <  ج: ص:  >  >>