وقوله فيمن تردَّد إليه فتعذَّر لقاؤه عليه:
عزَّني أنْ أراكَ في حالة الصَّحْ ... وكما عَزَّني أوانُ المُدام
وكما لا سبيل أن نتناجى ... من بعيدٍ بألسن الأقلام
فعليك السّلامُ لم يبقَ شيءٌ ... أَترجّاه غيرُ طيف المنام
وقوله من قصيدة:
يا غائبين وما غابت مودَّتُهم ... هل تعلمون لمن شَفَّ الغرامُ شِفا
إن تَعتِبوني فعندي من تذَكّرِكُمْ ... طَيْفٌ يُطالع طَرفي كلما طَرَفا
أو تجحدونيَ ما لاقيتُ بعدَكُمُ ... فلي شواهدُ سُقمٍ ما بهِنَّ خَفا
واهاً لقلبٍ وهى من بعدِ بينكُمُ ... وكنتُ أعهد فيه قوَّةً وجَفا
فالريح تُذكي الجَوى فيه إذا نفحتْ ... والوَجد يقوى عليه كلّما ضعُفا
فارقتُكم غِرَّةً مني بفرقتكمْ ... فلم أجد بدلاً منكم ولا خلَفا
ومنها:
وقد فضَضْتُ لعَمري من كتابكُمُ ... ما يشبه الوُدَّ منكم رقَةً وصفا
فبِتُّ أَستافُ منه عنبراً أَرِجاً ... طَوراً وأنظرُ منه روضةً أُنُفا
أودُّ لو أنّني من بعض أسطره ... شوقاً وأحسد منه الّلام والألِفا
آليتُ إن عادَ صرْفُ الدَّهر يجمعُنا ... لأَعفوَنَّ له عن كلِّ ما سلفا
لهفي على نفحةٍ من ريح أرضكُمُ ... أَبُلُّ منها فؤاداً مُوقِراً شَعِفا
ووَقفةٍ دونَ ذاكَ السَّفح من حلبٍ ... أَمُرُّ فيها بدمعٍ قَطُّ ما وقفا
أنفقتُ دمعي قصداً يومَ بينكُمُ ... لكنَّني اليومَ قد أنفقتُه سَرَفا
ما لي وللدهر ما ينفكُّ يقذفُ بي ... كأنني سهمُ رامٍ يبتغي هدفا
وقوله:
ما على الطَّيف لو تعمَّد قَصدي ... فشفا غُلَّتي وجَدَّد عهدي
وأتاني ممن أحبُّ رسولاً ... وانثني مُخبراً حقيقةَ وَجدي
إن أحبابنا وإن سلكوا اليوْ ... مَ، وحاشاهُمُ، سبيلَ التَّعدِّي
ونسُونا فلا سلامَ يوافي ... بوفاءٍ منهم ولا حُسْنَ رَدِّ
لهُمُ الأقربونَ في القرب منّي ... وهمُ الحاضرونَ في البعد عندي
ما عهِدناهُمُ جُفاةً على الخِ ... لِّ ولكن تغيَّر القوم بعدي
ليتهم أسعفوا المحِبَّ وأَرْضَو ... هُ بوَعْدٍ إذ لمْ يجودوا بنَقد
حبَّذا ما قضى به البينُ من ض ... مٍّ ولثْمٍ لو لمْ يشُبْهُ ببُعْدِ
لكَ شوقي في كلِّ قربٍ وبعد ... وارتياحي في كلِّ غَورٍ ونَجد
ولئن شطَّ بي المَزارُ فحسبي ... أنني مُغرَمٌ بحبِّك وحدي
وقوله من أبيات كتبها إلى الأمير مؤيد الدين أسامة بن منقذ:
أحبابَنا فارقتُكُمْ ... بعد ائتلافٍ واعْتِلاق
وصفاءِ ودٍّ غير مَمْ ... ذوقٍ ولا مُرِّ المَذاق
ووثائقٍ بينَ القلو ... ب تظَلُّ مُحكمةَ الوِثاق
نفَقَتْ بسوق المَكْرُما ... تِ فليس فيها من نِفاق
لكنني وإن اغتربْ ... تُ وعَزَّني قربُ التلاقي
لا بدَّ أن أتلو حقي ... قةَ ما لقيتُ وما أُلاقي
أمّا الغرامُ فما يزا ... لُ به التّراقي في التّراقي
وكذلكُمْ وَجدي بكم ... باقٍ وصبري غيرُ باق
وطليق قلبي مُوثَقٌ ... وحبيسُ دمعي في انطلاق
ومنها:
أَمْلَلْتُهُمْ مِن طول ما ... أَمْلَلْتُهُمْ وصفَ اشتياقي
يا ويحَ قلبي ما يزا ... ل صريع كاسات الفراق
بل ليتَ أيّامي الخوا ... لي باقياتٌ لا البواقي
وقوله:
غرامٌ بدا واشتهر ... ووَجْدٌ ثوى واستقرّْ
وجسمٌ شجَتْه النَّوى ... فلِلسُّقْمِ فيه أَثَرْ
وقلبٌ إلى الآن ما ... علمتُ له من خبَر