النفس الزكية زينتها نزاهتها، وعافيتها عفّتها، وجمالها جودُها، ورداؤها رِفْدُها، وطيلسانها إحسانها، وطهارتها ورعها، وغناها ثقتها بمولاها، وعلمها بأنه لا ينساها، وأنت يا طفا الهمة، من لم يُشرَّف بالخدمة، سرورك غرورك، فرحك فخُّك، مالك مالكك، غُلُّك بخلك، كَبْلك كِبرُك، شكوكك زبانيتك، همومك هاويتك، سلاسلك وساوسك، زينتك رعونتك، جمالك فتنتك، عافيتك آفتك، حرصك حبسُك، سَجّاتك نفسُك، قيدك إِلْفُك، إذا كان معك فمن تخاف، إذا كان عليك فمن ترجو، أعطيت الطبع للتوليد، والقلب للتوحيد، اللهم أنِر مصابيح أفهامنا بأنوار البيان، المُفضي بنا إلى الكشف والعيان، اللهم اجعلنا ممن جذبته يد العناية من أغوار الغرور، وأخرجته من أسراب الأسباب، وظلم الارتياب، اللهم اصرف ذكر الخلق عن ألسنتنا، وأخرج وساوس الدنيا عن قلوبنا، اللهم اجعل قلوبنا مقبلة بنور التوفيق عليك، منصرفةً عما سواك إليك، اجعل جوارحنا منقادةً بأزمّةِ العلم والتقوى، في كلّ ما تحبّ وترضى، من عرف نعمة المهلة لم يصرفها في غير الخدمة، المهلة إرخاء عنان الأجل، لإصلاح الخلل، وأنت في ظلمة الأمل، المؤمن يأمر وينهى للسياسة فيُصلح، والمنافق يأمر وينهى للرياسة فيفسد، بلغ بهم صفاء النظر إلى أن صارت لذّتهم في مراد الله فيهم، وأنت يثير عليك همومك، فَوات حظوظك. ما أحوجك إلى نار الخشية لتذيب جماديّة فهمك، اللهم نزِّه عِراص القلوب من أدناس الرذائل، أطِف بها حماة التقوى وحُفّاظ الفضائل، اللهم رَوِّح كُرَب الهموم بهبوب نسيم ذِكرك، إلى متى هذا التمسُّك بما يفارقك، اسبِقه إلى المفارقة، أفي عقلك عن تأمُّل أمرك خَبَل، أم في إيمانك بالموعود خلل، اللهم سلّم صحّة أرواح أدياننا، من لَسَعَات هوامِّ أهوائنا، ولسبات عقارب العلائق لقلوبنا، اقطع عنا حُمَة حرصنا، على عاجل حظوظنا، الحرص نار محرقة لشجرة حريتك، صدأٌ يعلو مرآة رأيك، دنسٌ يُغَشّي جِلباب جمالك، يا غافل، بيدر عمرك يُكال بمكاييل أنفاسك المتتابعة المتوالية، وتُرفع إلى خزانة الجنّة حبوب أعمالك الصالحة الطيبة، وتُلقى في أتون الجحيم أدغال أعمالك الخبيثة السيئة، يا أطيار الفتنة أقلعي عن مساقط أغصان الغفلة، كيلا تقتنصك جوارح الجهالة، فتنشبي في مخلب عُقاب العِقاب، يوم المآب، طيور الأرواح الجاهلة لا تزال تسرح في أودية إهمالها وتوانيها، وتُقلَّب في جوّ جهالتها أجنحة آمالها وأمانيها، وصياد المنيّة بين أيديها قد نصب الحبائل لوقوعها، يا طير الهمة اخرُق بجؤجؤ همّتك، حُجُب جهالتك، وحوائل حيرتك، اخرج من حصر شركة شبحك، إلى عالم سرورك وفرحك، ألِفْتَ الشِّباك، فحصلت في الحيرة والارتباك، أما علمت أنّ مِن حبِّ الأشراك، ينشأ شوك الشكّ والإشراك، ويعلوك كلّ دنس ويغشاك، ترقَّ يا طير الفتنة بأجنحة معرفتك، عن أرض مخافتك، ووحشة بلاد غربتك، إلى سماء أمنك، ومأنس وطنك، تعلَّ عن محلّ ذُلّك وفقرك، إلى منزل غِناك وعزّك، احذر أن تخرج من برج بدنك، ومحملة صورتك، وقفص شخصك، وأنت جاهل بطريق بلاد الغيب، اجْلُ قبل الخروج عين فهمك من رمد الريب، المَح بيتك الأصلي، اقصِد وكرك الأوّلي الحقيقي، انصرف عن بيتك المجازي العرَضي، احترِز في طريقك أن تنزل على هرادي الهوى، احذر قَصَبَات دِبْق حبّ الدنيا، قصباتك محبوباتك، دِبقك مألوفاتك، لا تكن كالعصفور المغرور، أراد أن يسلب الفخّ حبّته، فسلبه الفخّ مُهجته، أو السمكة أرادت أن تبلع طُعم الصياد فابتلعها الصياد، يا هدهد الهمة هزّ قوادم العزيمة، حرِّك خوافي البصيرة، ترقَّ في جو الجمعية، اعْلُ عن أرض التفرقة، إلى سماء الحقيقة، ارجع بخبر بلاد الغيب إلى عالم الشهادة، انزل برج قلبك، القِ كتاب خُبْرِك، إلى خبراء إخوانك، ليفهموا ما في بيانك، ويقفوا على سرّ عِرفانك، اللهم ثبّت أقدام أدياننا على سَنَن العفّة والورع، ألبِسنا جلباب الصيانة والنزاهة عن الهوى المتَّبع، زيِّن قلوبنا بزينة اعتقاد الحق، حَلِّ ألسنتنا برونق قول الصدق، اجعل جواهر عقائدنا منظومة في سلك الكتاب والسنة، محفوظة بحُسن متابعة السلف الصالح أعلام الأمة، متى تُفيق العين من تَعاشيها، فتشاهد عِياناً تَلاشيها، فتلوي ناظرَ رغبتها عن سراب آرابها وأمانيها، ترى الزخرف اللمّاع الخدّاع الفتّان، والمناظر الوِضاء الحِسان، وأشباح