للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغَرُّ أَبْلَجُ لو يَسْري بِغُرَّتهِ ... في فحمةِ اللَّيل بدرُ التِّمِّ ما انطفأَ

يُزْهى به الدَّسْتُ يومَ السّلم مُبتسِماً ... وفي الوغا سابحٌ سامي التَّليل وأَي

كاللَّيْث ليس بمُختارٍ فرائسَهُ ... سِيّانِ ظَبْيُ كِناسٍ عنده ولأَي

لو لم يُعِرْ عَزمَه العَضْبَ المُهَنَّد ما ... جَرى الرَّدى في غِرارَيْه ولا اجْتَرأَ

رَوّى عِطاشَ الأَماني وهي صاديةٌ ... مَكارِماً وجَلا عن بِيضها الصَّدَأَ

ما زال مَلْجَأَ من سُدَّت مَذاهِبُهُ ... في حينَ لا يَجِدُ الملهوف مُلْتَجأَ

يَلْقى بسامي ذَراه الرّائدون به ... والواردون إِليه الماءَ والكَلأ

ويَفْجَأُ الخَطْبَ منه عند رؤْيتهِ ... عَزْمٌ يُكَشِّف منه كلَّ ما فَجَأَ

فكُلَّما رَزَأَ الخطبُ الورى كَفِلَتْ ... بيضُ الصَّوارِم منه جَبْرَ ما رَزَأَ

وكم حادثٍ غال فاغتالَتْه منه ظُبّي ... تَعَوَّدتْ كشف مَكْروهٍ وَرَأْبَ ثَأَى

وكم أَلمَّتْ مُلِمّاتُ روائعها ... يَظَلُّ يَدْرَأُ عنها صَدْرَ مَنْ دَرَأ

سمَا لها دونَ أَملاك الورى فكفى ... مِنْ هَمِّ نازِلها ما هَمَّ وانْكَفأَ

يَبيتُ يَحْظَأُ نارَ الْجُود مُوقِدُها ... لِوَفده وبِعُودِ الهندِ ما حَظَأَ

خَطَّتْ يدُ المجد في وجه الزّمان به ... مآثراً يَقْتَربها كلُّ مَنْ قَرَأَ

مآثِراً كُلُّها في الفضل مُخْتَرَعٌ ... ما اقْتَصَّ من أَثَرٍ فيها ولا افتَقَأَ

قد بَرَّأَ اللهُ في التَّكوين خِلْقَتَهُ ... وخُلْقَهُ من ذَميم الفعل إِذْ برَأَ

وذَرَّ في كفِّه الأَرزاق يَقْسِمُها ... مِنْ راحتيه لِمَنْ في عصره ذَرَأَ

لِلْجود في ماله يومَ النَّوالِ خُطاً ... تُفْنيه عَمْداً إِذا جاد أمْرُؤٌ خَطَأ

يسْطو على المال إِنعاماً كأَنَّ به ... غَيْظاً على المال يومَ الجُود أَو شَنَأَ

يخضَرُّ نَبْتُ أَياديه وأَنْعُمِهُ ... للمُعْتَفين إذا نَبْتُ الرِّياض ذأَى

فَلْيَهْنِ أَعوامَه إِقبالُ دَوْلَتهِ ... فإِنَّه خَيْرُ والٍ للوَرى كَلأَ

وبُلِّغَ السُّؤْلَ في شِبْلي عَرينَتِه ... والمُبْتَدين من العَلْياءِ ما ابتدأَ

حتى ترى الكُلَّ أَبّاءً أَخا شرفٍ ... سمَا الزمان بسامي فَخْره وبأَي

ولْيَنْسإِ اللهُ للدنيا وساكِنها ... في عَمُره ضِعْفَ ما في عُمْرِها نَسَأَ

وقوله في مدح الأَميرين ولدي الداعي ويخاطب في آخر القصيدة ياسراً الذي قتله شمس الدولة:

مَلأَ النَّواظِرَ بَهْجة وبَهاءَ ... أُفُقٌ جَلا في دَسْتِه الأمَراءً

ومَقامُ إِعظامٍ قضتْ لسُعوده الْ ... أَفْلاكُ أن يستخْدِمَ العُظماءَ

طَلَعا طُلوع النَّيِّرَيْن وجاوَزا ... في المَجْدِ مطِلَعها سَناً وسَناءَ

ملكان في السَّبْعِ السِّنين وقد عَلا ... مَرْماهما الشِّيبَ الكُهولَ عَلاءَ

يَتبارَيان مَناقِباً وضرائباً ... بلغا بها مِنْ مَفْخَرٍ ما شاءَا

فمحمَّدٌ كمحمّدٍ في جُودِه ... وأَبو السعود أَبو السُّعود سخاءَ

وكِلاهِما يَحْكي المكرَّم سُودَداً ... ومَكارِماً أَنسى بها الكُرماءَ

ومآثِراً ومَفاخِراً وشَمائلاً ... وفَواضِلاً وفضائلاً وإِباءَ

والمجدُ أَرفعهُ بناءً ما غدا الْ ... أَبْناءُ فيه تقتفي الآباءَ

ولقد سَعْىَ سَعْيَ المُكَرَّم في العُلى ... نَجْلاه تَشْييداً لها وبناءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>