للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَقَيَّلا الآثارَ منه كأَنما ... أَمْلاهما آياتِها إِملاءَ

وتجارَيا طَلَق الرِّهان وبَرَّزا ... سَبْقاً وجاءَا في الرِّهان سَواءَ

كَرَماً ثَنى زُمَر الوفود إِليهما ... وسرى بأَنفاس الرِّياض ثَناءَ

ومواهِباً موصولةً بمواهبٍ ... أنوارُها تستغرقُ الأَنواءَ

إِن ضَنْ هامي المُزْن جادا أَو دَجا ... ليلُ الحوادثِ والخطوب أَضاءا

مِن يَعْرُبَ العَرْباءِ في الأَصل الذي ... جازَتْ ذَوائبُ فَرْعِه الجَوْزاءَ

وسَراةُ أَبناءِ الزُّرَيْعِ أَجلُّ مَن ... رَفعتْ به أَيدي الخميس لوِاءَ

ومُلوكُ هَمْدان الذين تبوّؤوا ... رُتَبَ الممالك عَنْوَةً وعَناءَ

سَلَكوا إِليها المَسْلكَ الصَّعْب الذي ... يُنْسي الحياةَ سُلُوكُه الأَحياءَ

وتحملَّوا أَعباءَها إِذْ لم يطق ... مَن رامها أَن يَحمل الأَعباءَ

وتَجَشَّموا فيها الصَّلاح وجَرَّعوا ... كأْسَ المَنِيَّة دونَها الأَعداءَ

حتى رَعَوْا دون المُلوك رياضَها ... وتَفَيَّئوا مِن ظِلِّها الأفياءَ

واستخدموا فيها الأَسنَّة والظُّبي ... والبأْس يُزْجي الغارةَ الشَّعْواءَ

واستوطنَتْ ما بينهمْ إِذ أَنشأَتْ ... عَزماتُهم أَرواحَها إِنشاءَ

ومضَوْا وأَبقَوْا للممالك بعدَهُم ... مَن فاق بِيضَ المُرْهَفاتِ مَضاءَ

الأَكْرمَ المُحبي الظَّهيرَ وصِنْوَه ال ... سّامي الأَثير المُشْرِقَيْن ذَكاءَ

والأَشْرَفَيْن خَلائقاً والأَكْرَمَيْ ... ن طرائقاً والغامِرَين عَطاءَ

فتَشرّفتْ رُتَبُ المَعالي منهما ... بأَعزِّ مَن بَهَر الزَّمان ضياءَ

واستنجدا تِرْبَ الرِّياسة ياسِراً ... فكَفاهما الإِغضاءَ والإِرضاءَ

وغَدا السَّعيدُ بنُ السَّعيد مُقَسِّماً ... بيديهْما السرّاء والضَّرّاءَ

ومُدَبِّراً أَمرَ البرِّية عنهما ... فيما دنا من أَرضهم وتناءَى

أَصفاهما منه الوَلاء فأَصْفيا ... فيه الوِداد وأَضْفيا الآلاءَ

فلْيَبْقَيا في ظِلِّ ملْكٍ دائم الْ ... إِقبال ما دام الزَّمانُ بقَاءَ

وهَناهُما شَهرُ الصيام ومُلِّيا ... فيه التَّهاني ما استَجَدَّ، هَناءَ

وقولُه في مدح عمران بن محمد بن سبأ:

ذِكْرُ العُذَيْبِ وما ثِلاثِ قِبابِه ... وَقَفَ الفُؤادَ على أَليم عَذابِه

وَمَهَبُّ أَنفاس الصَّبا مِن جَوِّه ... فيه شِفاءُ الصَّبِّ من أَوْصابِه

فَدَعِ النَّسيمَ يَبُثُّ من أَنبائه ... خبراً على الزَّفرات رَجْعُ جوابِه

أَسْرى عليه من العُذَيب دَلائلٌ ... نَمَّت على مَسْراه عن أَسرابهِ

لَدْن المَعاطِف باعتناق غُصونه ... عَذْب المَراشف لاغتباق شَرابهِ

أَتَرَشّفُ الأَنداءَ منه كأَنَّ مَن ... أضهواه أَوْدَعها شَهِيَّ رُضابهِ

ويَشُوقُني أَنَّ المُحبَّ يَشوقُه ... لُقُيا القَريب العهدِ من أحبابِه

فَمُخَيَّمُ الأَشواق حولَ خِيامه ... وتَشَعُّبُ الأَهواء بين شِعابِه

لله أَيامُ العُذَيْب وإِنْ يَبِت ... قلبُ المُعَنُّي المُستهامِ لِما بِه

وسقى نَدى كفِّ المُكرَّم مُلتقى ... عَقِدات أَجْرَعِه وشُمِّ هِضابه

ملِكٌ لو استسقى الزَّمانُ بجُودِه ... أَغناه عن سُقيا، مُلِثِّ سَحابِه

ملِكٌ أَفاض على الزّمان بَهاءَهُ ... فأَعادَه في عُنفوان شَبابِه

ملكٌ يَشِفُّ عليهِ نُور كَمالهِ ... فيكادُ يُلْحَظ مِنْ وراءِ حجابِه

<<  <  ج: ص:  >  >>