للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داني مَنالِ الجْودِ مِنْ زُوّارِه ... نائي مَحَلّ المَجدِ عن طُلاّبهِ

صَعْبُ المَقاصد ليس يرضى هَمُّه ... أَنْ يَرتقي في المجدِ غير صِعابهِ

ما عنده أَنّ المآثرَ غيرُ ما ... يسمو إِليه بحَرْبه وحِرابِه

عِزٌّ طِوالُ السُّمْر مُعربةٌ به ... إِن كان يُضْمُر في صَهيل عِرابهِ

كَلِفٌ بِكُلِّ أَقَبَّ يُوهِمُ أَنّهُ ... في الجَرْي يمْرُق من رَقيق إِهابهِ

مَرِحٌ كأَنّ الرّاحَ فيه تحكَّمتْ ... وتضرّمت باللَّوْن في جِلبابِه

يرقى ذُرى الطَّوْد ارتقاءَ وعُلوه ... صُعَداً وينقَضُّ أنقضاض عُقابِه

ما يَمْتطيه إِلى تَناوُل غايةٍ ... إِلاّ وكان النصرُ تحتَ رِكابِه

إِنَّ المُكرَّمَ معدِنُ الكَرَم الذي ... في بابه يُحوى الغِنى من بابِه

جعل الطَّريقَ إِليه فجّاً مَهْيعَاً ... جُودٌ بِحارُ الأَرضِ مَدُّ عُبابهِ

ومواهبٌ للمال من سَطَواتها ... ما للأَعادي من أَليم عِقابهِ

في كلِّ أَرضٍ من غرائب ذِكْره ... سفرٌ يُقَلْقِل ناجِياتِ ركابهِ

فإِذا تضايقتِ الشّدائدُ رَحَّبَتْ ... بوُفود أنْعُمِه فِساحُ رِحابهِ

تتزاحم الأَوصاف عند مَديحه ... كتَزاحم الآمال في أَبوابهِ

نَجْني المَكارمَ من نَداه ونَجْتلي ... أَدَبَ العُلى والعطرَ من آدابِه

وكأَنّ مُجتَمع الفضائل والغِنى ... ما بين نائله وبين خِطابِه

شِيَمٌ سناها برق كلّ فضيلة ... من مُزْنها قبل انسكاب ربَابه

وخلائقٌ خُلقِت من الكَرَم الذي ... عُدِقَتْ بَمْنصِبه عُرى أَسبابِه

يَبدو عليها نُور سُؤْدُدِه الذي ... ضَوْءُ الغَزالة دونَ ضُوء شِهابِه

ما زالَ يُعرِب يَعْرُبٌ عن فضله ... ويراه رَبَّ التّاج من أَعقابهِ

حتّى تجاوز غايةَ الشّرف الذي ... أَوْفى على تأْميله وحِسابهِ

فكفى بقحطانَ بنِ هُودٍ مَفْخَراً ... أَن أَصبحتْ تُغْزى إِلى أَنسابهِ

أَعْلى مآثِرَها وشَيَّدَ فَخْرَها ... دونَ الملوكِ بطَعْنه وضِرابهِ

وبنى لها بيتاً قواضِبُ بِيضِه ... عَمَدٌ له والسُّمْرُ من أَطنابِه

يزدادُ حُسْنُ المدح فيه وإِنّما ... يبدو جَمالُ الشيءِ في أَربابِه

ويفوزُ بالشّرف المُؤَثَّل ماثِلٌ ... بفِنائه أَو لاثِمٌ لُترابِه

زانَ الزَّمانَ وزاد في تَشريفه ... بأَعزِّ نَسْلٍ من شريفِ تصابِه

وكأَنّ عِمرانَ المكرَّمَ مُلتقى ... لُبِّ العُلى وابناه لبُّ لُبابِه

شَمْسا مطالِعه، حُساما مُلكِه ... بَدْرا مَواكِبه، هِزَبْرا غابِه

فمحمَّدٌ جارى فِرِنْدَ حُسامِه ... وأَبو السْعود به مَضاءُ ذُبابهِ

نطقتْ شهاداتُ المَخايل عنهما ... أَنْ يَلْبَسا في الفضل فضلَ ثيابهِ

يتبارَيان إِلى المَكارم نُزَّعاً ... في قَوْسها بالسُّودَدِ المُتشابهِ

واللهُ بَعْضُد مُلْكَه بهما كما ... عَضَد المَكينَ ومُلكه سامى بهِ

ولْيَبْقَ محروساً جوانِبُ مُلْكِه ... بالعِزِّ مأْنوساً شَريفُ جَنابهِ

فنِهايةُ المُثْنى عليه وإِنْ غَلا ... في وصفه التقصيرُ معْ إِطنابهِ

وقوله:

يا مُحَيّا نورِ الصَّباحِ البادي ... ونَسيمَ الرِّياض غِبَّ الغَوادي

حَيِّ أَحبابنا بمكَّةَ ما بَيْ ... ن نَواحي الصَّفا وبين جِيادِ

وقوله:

أَأَحبابنا بين الصَّفا وجِيادِ ... وأَشرفِ أَرضٍ قُدِّسَتْ وبِلادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>