للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَفَعَ الإِلهُ على المُلوك مَحَلَّهُ ... وقَضَى لحاسِد عِزِّه أَن يُخْفَضا

واختَّصه بسَوابغٍ من لُطفه ... وأَفاضَ أَنْعُمَه عليه وقَوَّضا

ولَئِنْ عَرا خَطْبٌ فأَمْرَضَ أَرْضَهُ ... فعَلى ظُباه شِفاءُ ما قدْ أَمرضا

أَو ناب عارضُ عِلَّةٍ فقدِ انجلى ... مُتَكَشِّفاً ما ناب منه وانقضى

أَو كان أَعْرَض مُسْتَجِمّاً رأْيَهُ ... فيها فوجْهُ قيامِه ما أَعْرَضا

وعلى عزائمه الشَّريفة أَنَّها ... تَجْزي بِضِعْفي قَرْضِه ما أَقْرضا

فالدَّيْنُ ليس بمانعٍ إِرجاؤه ... من أَنْ يُكذِّبه الغَريمُ ويُقْتَضي

فلْيَحْفُ طِيبَ الغُمْض جَفنٌ بات في ... أَسْهاره مُتَيَقِّظاً ما غَمَّضا

وَلْيَرِميَنَّ الناكثين بجِحْفلٍ ... لَجِبٍ يُصَرِّفُ فيهمُ صَرْفَ القَضا

كالعارِض المُسْوَدِّ إِلاّ أَنَّهُ ... باللاّمعات يَشِفُّ عن ماءِ الأَضا

يمتَدُّ عِثْيَرُهُ دُخاناً كلَّما ... بَدَتِ الصَّوارمُ فيه ناراً تُحْتَضى

ولتَشْفيَنْ قلبَ المُحِبَّ وقائِعٌ ... منه يبُيدُ بها العدُوَّ المُبْغِضا

وَلْيَرْجِعَنَّ به الجَموحُ شَكيمةً ... سَلِسَ المَقادةِ في السّياسة رَيِّضا

فالإِمَ يا هَمْدان إِغْماضُ الظُّبي ... صَوْناً وذا سيفُ الإِمامة مُنْتَضى

شُنْوا بها الغاراتِ رَكْضاً إِنَّما ... عِزُّ السَّوابق أَنْ تُشَنَّ وتُرْكَضا

واسْتخدِموا بِيضَ الصِّفاح وعَرِّضوا ... سُمْرَ الرِّماح لمَنْ بَغى وتَعَرَّضا

وتَيَقَّنوا أَنَّ الضَّراغم عِزُّها ... إِنْ تُمْسِ في الأَجَماتُ تُمسي رُيَّضا

والْبِيضُ أَشرفُ ما تَكونُ قَواطِعاً ... لا أَنْ تُذَهَّبَ حِلْيَةً وتُفَضَّضا

واستمْسِكوا بعُرى المُكَرَّم وارفُضوا ... ما أَوجبتْ آراؤه أَنْ يُرْفَضا

فهو العِماد ومجدُ قحطانٍ به ... يَسْمو افتخاراً مَنْ يَجيء ومَنْ مضى

إِن طال أَو عَرُض الثنَّاءُ بوَصْفه ... فبما أَطال الجودُ منه وأَعرضا

يزدادُ طِيباً في الإِعادة مَدْحُهُ ... والمِسْكُ أَعبَقُه إِذا ما خوّضا

لله عِمرانُ المُكَرَّمُ إِنَّهُ ... أَغضى وقد أَصْلى العِدى جَمْرَ الغَضا

قَسَمَ العِنايةَ لِلْبلاد مُرَقْرِقاً ... مِنْ ماءِ رَوْنَق حُسنِها ما غُيِّضا

وسقى العِطاشَ بِزاخرٍ من جُودِه ... أَغْنى به الوُرّادَ أَنْ تَتَبَّرضا

فكأَنَّه ساري السَّحائِبِ ما انتحى ... أَرْضاً بوَفْد حَياهُ إِلاّ رَوَّضا

طُبِعَتْ على الشِّيَم الشَّريفَةِ نفسُه ... فكَفَتْ طهارة ثَدْيها أَنْ يُرْحَضا

وصَفَتْ خلائقُه التي لو مازجَتْ ... صَفْوَ الزُّلال بطَبْعها ما عَرْمَضا

مُتَصَوِّرٌ ما في الخواطِر عالِمٌ ... فَحْوى المُخاطِب مُفْحِصاً ومُعَرِّضا

فاقَ المُلوكَ مَكارِماً وعَزائِماً ... وَسِعَتْ وَلِيّاً في الأَنام ومُبْغضِا

فكأَنَّما النَّعْماءِ والبَأْساءُ لا ... تَنْفكُّ بَيْن السُّخْطِ منه والرِّضا

فَلْيَبْق بَمْحَضُه الزَّمانُ وَلاءَه ... طَوْعاً فَحُقَّ لِمِثْله أَن يُمْحَضا

وقوله يمدحه:

العِزُّ في صَهَواتِ خَيْل الدّاعي ... مُتَمَطِّراتٍ يومَ يدعو الدّاعي

لُحُقُ الأَياطل، بالقساطل قَنَّعَتْ ... وجهَ النَّهارِ من الدُّجى بِقِناع

تَرْنو فتَحْوي ما رأَتْهُ كأَنَّما ... خُلَِقْت لَواحِظُها من الأَبْواعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>