للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَنُو زُرَيْعٍ منه قد لَجأوا إلى ... سامٍ بِعزِّ لوِائهم مَنّاعِ

ما إِن تَخُطُّ يدُ العُلى أَوصافَه ... إِلاّ بسُمْر الخَطّ لا بِيَراعِ

لو أَنّ تُبَّع كان أَدركَ عَصرَه ... أَضحى له من جُملةِ الأَتباعِ

خَضعَت له غُلْبُ الملوك وإنّما ... خضعتْ لضرّارٍ لها نَقّاعِ

وعَنَتْ لعالي القَدْر منه مُؤَيِّدٍ ... ماضي الأَوامر في الزَّمان مُطاعِ

مُتجاوزٍ غاياتِ كلِّ فضيلةٍ ... لم يَختلج بخَواطِر الأَطماعِ

ما زال يُتْرِعُ في المواهب إِنَّما ... إِتراع طيب الذكر في الإِتراعِ

مُتَدَفِّق كرماً وبأْساً ما لَهُ ... عن ذا ولا عن ذاك مِنْ إِقلاعِ

إِن صال أَوجَبَتِ النِّصال تباين الْ ... أَوْصالِ بعدَ تآلُفِ الأَوْضاعِ

أَوْ جادَ آذَنَ مالُه خُزّانَه ... لا عن قِلىً، بتَشَتُّتٍ ووَداعِ

والمالُ مُقْتَسَمٌ مُشاعٌ عندَه ... بيدَ النَّدى، والمجدُ غيرُ مُشاعِ

فكأَنَّما هو للعُفاةِ وَدائعٌ ... في كفِّه مضمونةُ الإِيداعِ

يَحْظى مُجالِسُه بأَشرفِ رُتَبةٍ ... ما بين عِزِّ عُلى وخِصْب مَراعِ

فكأَنَّ مَنْ يُمسي جليساً عنده ... يُمسي جليسَ البدر لا قَعْقاعِ

لا يَرْتضي سَمْعُ الفضائل منه أَن ... يُصْغي لِساعٍ في الورى لَسّاعِ

ويَسُرُّه السّاعي إِلى أَبوابه ... مُستمْطِراً سُحُبَ النَّدى لا السّاعي

وله من الأُمراءِ أَقمارٌ حَكَوْا ... منه شَريفَ خَلائق وطباعِ

وُلِدوا على دين العُلى واسْتُرْضِعوا ... دَرَّ المَكارم عنه خيرَ رِضاعِ

فمحمَّد للحمد تبعثُه على الْ ... إِطْناب فيه بَواعثٌ ودَواعِ

وأَبو السُّعودُ له حليفٌ مُسْعِدٌ ... في الفضل يخفظُ فَضْله ويُراعي

وشواهِدُ المَنصورِ تَشْهد أَنَّه ... ما الظَّنُّ في عَليائه بمُضاعِ

أُمراءُ مُلْك رَتّبوه وأُوطِئوا ... منه أَعَزَّ مَواطنٍ وبِقاعِ

فبقيتَ يا داعي الدُّعاة مُمَتَّعاً ... بالكلِّ منهم أَفضلَ الإِمتاعِ

أَبدعْتَ في كرم الفَعال مبرِّزاً ... فارشِفْ ثُغورَ مَراشِف الإِبداعِ

مِدَحٌ بها غَنُّى الرُّواةُ ورَجَّعتْ ... أَصواتَ وُرِْق الأَيْكِ بالأَسْجاعِ

وقوله في قصيدة ابتدأ فيها بوصف مكة والبيت الحرام ومواقفها العظام ويثرب مدينة النبي عليه السلام ويتشوق أهلها، ويذكر كرمها وفضلها:

لي بالحجاز غَرامٌ لست أَدفَعُهُ ... ينقاد قلبي له طَوْعاً ويَتْبَعُه

يَهُزُّني البرقُ مَكِّيّاً تَبسُّمُه ... إِذا تراءَى حِجازِياً تَطَلُّعه

ويَزْدَهيني لقاءُ الوَفْدِ أَلحظه ... من جَوّه وحديثُ الرَّكْبِ أَسُمَعُه

وفائحُ الرِّيحِ مِسْكِيّاً تأَرُّجُه ... من طيب رَيّاه نَدِّياً تَضَوُّعه

وهاتِفُ الوُرْقَ في فَرْعِ الأَراك به ... يُرَدِّدُ اللَّحْن شَجْواً أَو يُرَجعِّه

كلٌّ إِلىَّ حَبيبٌ من أَماكنه ... مُمَكَّنُ الفضل في صَدْري مُمَنَّعه

جِيادُه والصَّفا منه وَمَرْوَتُه ... ومُتّكاه وما يَحوي مُرَبَّعُه

وأَخْشَباه وودايه وأَبْطَحه ... جَديبُه، لا رأَى جَدْباً، وَمَرْبَعُه

ومَوْقِفُ الحَجِّ في سامي مُعَرَّفه ... وما تَحُدُّ مِنيً منه وتَجْمعه

والبيتُ، والبيتُ أَعلى أَنْ أُجِدَّله ... وصْفاً، وتعظيمُه عن ذاك يرفعه

<<  <  ج: ص:  >  >>