للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حيثُ حُجّاجه تعلو وقُصَّدُه ... عِزّاً، وسُجَّدُه تسمو ورُكَّعه

ومنهجُ الفَوْز بادي القصد واضحُه ... ومَنْهَل الجود طامي الوردِ مُتْرَعه

وفي رُبى يَثْرِبٍ غاياتُ كلِّ هوىً ... يَجِلُّ عن مَوْقِع الأَشواق موقعه

أُفْقُ الشَّريعة والإِسلام طالعةً ... شُموسُه، مُسْتجاش النَّصْر مُتْبَعُه

حيث النُبُوَّةُ مضروبٌ سُرادِقُها ... والفضلُ شامِخُ طَوْدِ الفَخْر أَفْرُعُه

وحيث كان طريقُ الْوحي مُتَّضِحاً ... بين السماءِ وبين الأَرضِ مَهْيَعة

وخاتمُ الأَنبياءِ المصطفى شَرَفاً ... محمدٌ باهِرُ الإِشراق مَضْجَعُة

صلّى الإِله عليه ما تكرّر بال ... صّلاة فرضُ مُصَل أَو تَطَوُّعُه

والمسجدُ الأَشرف السّامي بموضعه ... مَعقودُ تاج العلى منه مُرَصَّعه

وللشَّفاعة أَبوابٌ مُفتَّحَة ... مُشَفَّعٌ مَنْ بمعناها تَشَفُّعه

مَحَلُّ قُدْسٍ وتشريفٍ يُجَرُّ به ... ذيْلُ الجَمال على ذي المال يدفعه

يَشُبُّ نيرانَ أَشواقي غليلُ هوىً ... إِليه ليس سِوى مَرْآه يَنْقَعُه

ويستمِدُّ حَنيني كلُّ مُنْحَنَأٍ ... منه وعامِره الزّاكي وبَلْقعه

عَقيقُه وقبُاه والْبقيعُ وما ... يَحُدُّ أُحْدٌ لِمَن في الله مَصْرَعه

تلك المواقف، لا بَغْدادُ موقِفُه ... والكَرْخ مُصْطافُه منها ومرْبعه

وَهْي الهْوَى لا رُبى نجدٍ ورامتُه ... ولا العُذَيْبُ وواديه وأَجْرَعه

مُسْتَنْزَلُ الفوْزِ والغفُران مَهْبِطه ... ومُلْتَقى كلِّ رِضوان ومَجْمَعُه

أُحبِّه وأُحبّ النّازلين به ... وما تَضُمُّ نَواحيه وأَرْبُعه

طَبْعاً جُبِلْت عليه في الغرام به ... وأَينَ مِنْ طَبْعِ مَنْ يَهْوى تَطَبُّعُه

كسانِيَ الحُبُّ ثوبَ الإِفتتانِ به ... ولست حتّى بِخَلْعِ الرُّوحِ أَخَلعُه

أَستودِعُ الله فيه كلَّ مُنفرِدٍ ... بالفضل يُودعِ شَجْواً مَنْ يُوَدِّعه

يَكاد يَجْري مجاري النَّفْس جملتُه ... لُطفاً ويُذْهِلُ مَرآه ومَسْمَعُه

وجيرةٍ في جِوار الله يَنْزِع بي ... شَوْقٌ إِلى قُربهمْ في الله مَنْزِعه

مِنْ كلّ مَنْ بَغَّض الدُّنْيا تَوَرُّعُه ... عنها وبَغَّض ما يَحوي تَبَرُّعُه

كأَنّما الروض يَجْلو ما يُفَوِّفُه ... من خُلْقه ويُوَشِّي ما يُوَشِّعُه

فيا سَنا البارق المكّيِّ يَشْهَرُ من ... إِيماضِه الأُفقُ عَضْباً أَو يُشَعْشعه

قُلْ للأحبّة عني قول من حُنِيَتْ ... على الوفا لهمُ والشوْقِ أَضْلُعه

هل حافظٌ عَهْدُ ودّي من حَفِظْتُ له ... على النَّوى عَهْدَ ودٍّ لا أُضْيِّعه

أم هل تُجَرِّعُه مما تُجَرِّعُني ... في البعد كأسُ الأَسى أَم لا تُجَرِّعه

أَم هل يَهُزُّ ادّكاري عِطْفَه طَرَباً ... وتَسْتَهِلُّ كدمعي فيه أَدْمُعه

وإِن يكن طال مَرْمى الْبَيْن أَو قَطَعَتْ ... يداه ما ليس أَيْدي الْوَصلِ نَقطعه

فما تغيَّرْتُ عن مَحْضِ الصّفاءِ لهم ... ولا تكدَّر وِرْدٌ طاب مَشْرَعه

مَحَلُّ كلِّ لحبيبٍ حيث يعلمه ... منّي وموضعُه في القلب موضعه

هيهْاتَ ما شَغفي مما تُقَسِّمه ... سوانِحُ الرَّأْي أَو مما تُوَزِّعه

فلا عَدِمْتُ هوىً منهمْ يُحاولني ... فيه النَّوى بسُلُوٍّ عَزَّ مَطْعَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>