للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَبَّذا الرَّكْبُ يُبْدي من حديثهم ... ما يَجْبُر القَلْبَ تَعْليلاً ويَصْدَعه

وحبَّذا طيبُ أَنفاسِ النَّسيم سرى ... عنهم كما فاحَ مِسْكٌ فُضَّ مُودَعه

فهل أَخو دَعْوَةٍ في الله تنَهضُ بي ... عنايةُ الذِّكر منه أَو تَضَرُّعُه

وجاد تلك الرُّبا هامٍ تَبَجُّسُه ... يَجُول من مائه فيها تَمَيُّعُه

وقوله:

حيّاكِ يا عَدَنُ الحْيَا حَيَّاكِ ... وجَرى رُضابُ لَماه فَوْقَ لمَاكِ

وافترَّ ثَغْرُ الرَّوْضِ فيكِ مُضاحِكاً ... بالبِشْر رَوْنَقَ ثَغرِك الضحّاكِ

وَوَشَتْ حدائقُه عليكِ مَطِارفاً ... يَخْتال في حَبَراتها عِطْفاكِ

فلقد خُصصتِ بسِرِّ فَضْلٍ أَصبحتْ ... فيه القلوبُ وُهُنَّ من أَسْراكِ

يَسْري بها شوقٌ إِليك وإِنَّما ... للشَّوْقِ جَشَّمها الهوى مَسْراكِ

أَصبو إِلى أَنفاس طِيبِك كلَّما ... أَسْرى بنفحتها نسيمُ صَباكِ

وتُقِرُّ عيني أَن أَراك أَنيقةً ... لا رملَ جَرْعاءٍ ورملَ أَراكِ

كم من غريبِ الحسنِ فيكِ كأَنّما ... مَرْآه في إِشراقه مَرْآكِ

وفواترُ الأَلْحاظِ تصطادُ النُّهى ... أَلحاظُها قَنْصاً بلا أَشْراكِ

ومَسارِحٌ للعيش تُقتطَفُ المُنى ... منها وتُجْنى من قُطوفِ جَناكِ

وعلامَ أَستسقي الحَيا لكِ بعدما ... ضَمِن المُكَرَّمُ بالنَّدى سُقياكِ

وهَمَتْ مَكارمُه عليك فصافَحَتْ ... عن كفّه مَغْنى الغِنى مَغناكِ

وحَباكِ بالإِيثار عنه فَجَرَّ عن ... إِيثارِه ذيلَ الثَّراءِ ثَراكِ

وتأَرَّجتْ رَيَّاكِ مِسْكاً عندما ... عَبِقَتْ بِرَيّا ذِكْرِه رَيّاكِ

فَلْيَهْنِكِ الفخرُ الذي أَحرزْتِه ... بِعُلاهُ حَسْبُك مَفْخراً وكَفاكِ

قَرَّتْ عُيونُ الخلق لاستقرارِه ... بكِ فَلْتَقَرَّ بِقُرْبه عَيْناكِ

شَرُفَتْ رُباك به فقد وَدَّت لذا ... زُهْرُ الكواكب أَنَّهنَّ رُباكِ

مُتَبَوِّئاً سامي حُصونِك طالعاً ... فيها طلوعَ البدرِ في الأَفلاكِ

بالْتَعكُر المحروس أَو بالمنظر الْ ... مأْنوس نَجْمَيْ فَرْقَدٍ وسِماكِ

وله الحُصونُ الشُّمُّ إِلاّ أَنّه ... لحلوله بك طالها حِصناكِ

فالمِسْك تراب أَرضِك مُذْ غدا ... لك قاطِناً والدُّرُّ مِنْ حَصْباكِ

وكأَنَّ بحركِ جودُه مُتَدَفِّقاً ... لو لم تَخُضْه سَوائرُ الأَفلاك

مَلِكٌ لو أن الغيثَ جاد كجُوده ... لم يُلْفَ في أَرضٍ لفقرٍ شاك

سَبْطُ الأَنامل بالمكارم لا يَرى ... إِمساكَه إِلاَّ عن الإِمساك

لا قَدْرَ للدُّنْيا لديه كأَنَّه ... في بَذْل زُخْرُفِها من النُّسّاك

أَدْنى مواهِبِهِ الأُلوفُ سريعةً ... مُتَفرِّداً فيها بلا إِشراكِ

ما اختَصَّ في الدُّنْيا سواه بفَضْلها ... مَلِكٌ من الباقين والهُلاّكِ

فالْجودُ مبتَسِمُ الثُّغور ببَذْله ... أَبداً وبَيْتُ المال منه باك

من دَوْحَة الشَّرف الزُّرَيْعيّ التي ... وَشَجَتْ بأَصلٍ في المَفاخر زاك

وسَراةُ قَحطانٍ بحيثُ مَعاقِدُ التِّي ... جان فوقَ أَسِرَّةِ الأَمْلاكِ

يُرْدي العِدى بالرأْي وهو مُخَيِّمٌ ... كَمْ من سُكونٍ فيه بَطْشُ حراك

سَلَّتْ يدُ الإِسلام منه مُهَنَّداً ... مُتَحَكِّماً في هامةِ الإِشراك

<<  <  ج: ص:  >  >>