فَيَا حَسْرَتا غِبْتُ عن بلدةٍ ... بها حَظِيتْ بالحُظوظِ الحْضورُ
وُمْنذ ثَوى نورُ دينِ الإلا ... هِ لم يبق للشّامِ والدّين نورُ
وَإِني لأَرجو من الله أَنْ ... يُقَدِّر بعد الأمور الأمورُ
وللنّاسِ بالملك النّاصر الصّ ... لاحِ صلاحٌ ونصرٌ وخِيرُ
لأجل تَلافيهِ لم يتلَفُوا ... لأجل حيا بِرِّه لم يَبُوروا
بفَيْض أَياديه غيثُ النَّجاح ... لأَهلِ الرَّجاءِ سَحوحٌ دَرُورُ
مَليكٌ بَجْدواه يَقْوَى الضَّعيفُ ... وَيَثْرَى المُقِلُّ وَيَغْنى الفَقْيرُ
أَرَى الصِّدْق في ملكهِ المُسْتقيم ... ومَلُك سِواه ازْوِرارٌ وزُروٌ
لِعِزِّ الْوَليّ وَذُلِّ العَدُوّ ... نَوالٌ مُبِرٌّ وبأْسٌ مُبيرُ
بِنِعمتِه للعُفاةِ الحُبورُ ... بسَطوته للعُداةِ الثُّبُورُ
إذا ما سَطا أَو حَبا واحْتَبى ... فما الْلَّيْثُ؟ مَنْ حاتمٌ؟ ما ثَبيرُ؟
هُو الشمسُ أَفلاكه في البلادِ ... ومَطْلَعُه سَرْجُه والسَّريرُ
إيابُ ابْنِ أَيّوبَ نحو الشآمِ ... عَلَى كلِّ ما نرتجيه ظُهورُ
بيوُسُفِ مصَرٍ وأَيامِهِ ... تَقَرُّ العُيونُ وَتَشفى الصُّدوُر
مَليكٌ يُنادي رجائي نَداهُ ... ومَوْلًى جَدَاه بحمدي جَديرُ
ومنها:
وكم قد فَلَلْتَ جُموعَ الفرنجِ ... بِحَدِّ اعتزامٍ شَباهُ طَريرُ
بضربٍ تَحذَّفُ منهُ الرُّؤوس ... وطَعنٍ تَخسَّفُ منهُ النُّحورُ
وغادرتَ غادرهم بالْعَراءِ ... ومن دمِه كُلُّ قَطرٍ غَديرُ
بِجُرْدٍ عليْها رجالُ الهِيْاج ... كأنّ صُقوراً عليها صُقُورُ
مِن التُّرِك عند دَبابيسها ... صِحاحُ الطُّلى والهْوَادِي كُسورُ
سهامُ كَنائها الطّائِرات ... لَهُنَّ قُلوبُ الأعادي وُكورُ
وِعنَدهُم مثلُ صَيْد الصِوَّارِ ... إذا حاوَلوا الفْتَحَ صَيْدا وُصورُ
بجيشك أَزْعجت جأْشَ العَدُوِّ ... فما نَفَرٌ منهُ إلاّ نَفورُ
تركَتْ مَصَارع للمُشركين ... بُطونُ القْشَاعمِ فيها قُبورُ
تُزاحِمُ فُرسانَها الضّارِبات ... فتصِدمُ فيها النُّسورَ النُّسُورُ
وإِنَّ تَولُّدَ بِكْرِ الفْتُوحِ ... إذا ضُربَتْ بالذُّكورِ الذُّكورُ
ومنها:
إلَيَّ شَكا الفَضلُ نَقصَ الزَّمانِ ... وهل فاضِلٌ في زماني شَكورُ
حَذارك مِنْ سطوة الجْاهلين ... وذُو العلم من كلِّ جهلٍ حَذورُ
وهلْ يلِدُ الخْيَر أوْ يسْتَقيمُ ... زَمانٌ عَقيمٌ وَفَضلٌ عَقيرُ
شكَتْ بِكْرُ فضْلَي تَعْنيسَها ... فما يجِلُبُ الودَّ كفؤٌ كُفورُ
فقلتُ لفضلي أَفاقَ الزَّمانُ ... وَدَرَّ المُرادُ وَدارَ الأَثيرُ
وَعاش الرَّجاءُ وماتَ الإِياسُ ... وسُرّ الحِجَا وأَنار الضَّميرُ
ووافى المَليكُ الذَّي عَدْلُه ... لِذي الفَضلِ من كلِّ ضَيْمٍ يُجيرُ
فلستُ أُباليِ بِعَيْث الذّئاب ... إذا ما انتحى ليَ لَيْثٌ هَصُورُ
واقترح علي بعض الأكابر في الدولة النورية أن أعمل قصيدة في دمشق على وزن قصيدة أبي الحسين ابن منير التي أولها:
حَيّ الديار على عَلْياء جَيْرونِ
فعملت كلمة طويلة، منها:
أَهْدَي النَّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ ... أمْ طِيبَ أخلاقِ جِيراني بجَيْرُونِ
هَبَّتْ لنا نفَحةٌ من جِلَّقٍ سَحَراً ... باحَتْ بسرٍّ من الفردَوْسِ مَكنونِ