وَتَذَمَّموا مِنْ حَرِّ بَأْسِ مُحَمَّدٍ ... وَتَهَيَّبوا الْحَمَلاتِ مِنْ عُثمانِ
وَبِسَيْفِ جُرْديكَ الْمُجَرَّدِ غُودِرُوا ... بِدِماء أَهْلِ الْنَدْرِ في غُدْرانِ
وَبِعَيْنِ دَوْلَتِكَ الّذي قَدَّمْتَهُ ... فُقِئَتْ عُيونُ الْكُفْرِ وَالْكُفْرانِ
وَاليارُقِيَّةُ أَرَّقَتْهُمْ في الدُّجى ... بِسِهامِ كُلِّ حَنِيَّةٍ مِرْنانِ
أَجْفانُهُمْ نَفَتِ الغِرارَ كما انتْفَى ... ماضي الْغِرارِ بِهِمْ مِنَ الأجْفانِ
بَعَلُوا مُعْسكَرَ بَعْلَبَكَّ وأَبْصَروا ... مِنْ جُنْدِ بُصْرى بَرْكَ كُلِّ جِرانِ
وَكأَنَّما الأَكْرادُ فَوْقَ جِيادِها ... عِقْبانُ مُلْحَمَةٍ عَلَى عِقْبانِ
وَلَطاَلما مَهَرَتْ عَلَى نَصْرِ الهُدى ... أَنْصارُكَ الأَبْطالُ مِنْ مهْرانِ
لم يَتْرُكِ الأَتْراكُ فيهِمْ غايَةً ... بِالْفَتْكِ وَالْإْرهاقِ وَالإثْخانِ
مِنْ كُلِّ رامٍ سَهْمُهُ مِنْ وَهْمِهِ ... أَهْدى إلى إنْسانِ عَيْنِ الرّاني
وَلَكَ المْمَاليكُ الّذينَ بهِمْ عَنَتْ ... أَمْلاكُ مِصْرَ لِمالِكي بَغْدانِ
هُمْ كَالصَّحابَةِ يَوْمَ بَدْرٍ حاوَلوا ... نَصْرَ النَّبِيِّ وَنُبْتُ عَنْ حُسّانِ
الحائِزُونَ مِنَ السِّباقِ خِصالَهُ ... في مُلْتَقى حَرْبٍ وفي مَيْدانِ
مِنْ كُلِّ مَبْسوطِ الْيَدَيْنِ يَمينُهُ ... ما تَمْتَلي إلاَّ بِقَبْضِ يَمانِ
ومنها في تسمية من حضر من الفرنج الملاعين خذلهم الله تعالى:
لَمّا رَأَى الدّاويُّ رَاوُنْداءَهُ ... وَلّى بِطاعونٍ بِغَيْرِ طِعانِ
طَلَبَ الفَريرِيُّ الْفِرارَ بِطلْبِهِ ... مُتَباعِداً مِنْ هُلْكِهِ المُتَداني
وَالهَنْفَري مُذْ هانَ فَرَّ مُؤَمِّلاً ... لِسَلامَةٍ، وَالهْوُن شَأْنُ الشّاني
بارُوا فَبارُونِيُّهُمْ بِفِنائِهِ ... مُودٍ، وَسِيرُهُمُ أَسيرٌ عانِ
ومنها وصف ما اعتمده نور الدين في ذلك اليوم، حيث أنفذ سريةً إلى بلاد القوم، فأحرقت ونهبت، وكبست أهلها وكسبت؛ وذلك من طريق مخاضة الأحزان:
أَخْلَوْا بِلادَهُمُ فَحَلَّ بِأَهْلِها ... مِنْكَ الغَداةَ طَوارِقُ الْحِدثانِ
أَنْهَضْتَ حينَ خَلَتْ إليها عَسْكَراً ... أَخْلى قَواعِدَها منَ البْنُيْانِ
وَشَغَلْتَ جَأْشَهُمُ بِجَيْشٍ هَدَّهُمْ ... فَجَنى ثِمارَ النُّصْرَةِ الجَيْشانِ
وَمَلَأتَ بالنّيرانِ أَرْبُعَ أَهْلِها ... فَتَعَجَّلوا الإحْراقَ بالنّيرانِ
عادُوا حينَ رَأَوْا خَرابَ بُيوتِهِمْ ... يَئِسُوا مِنَ الأوْطارِ وَالأوْطانِ
باؤوا بِأَحْزانٍ وخاضوا هَوْلهَا ... مِمَّا لَقُوا بِمَخاضَةِ الأحْزانِ
وَقَدِ اسْتَفادَ المُشْرِكونَ تَعازيِاً ... وَالْمُسِلُمونَ تَهادِياً بِتَهانِ
لمَ تَلْقَهُمْ ثِقَةً بِقُوَّةٍ شَوْكَةٍ ... لكِنْ وَثِقْتَ بِنُصْرَةِ الرَّحْمانِ
ومنها:
دانَتْ لَكَ الدُّنْيا فَقاصيها إذا ... حَقَّقْتَهُ لِنَفاذِ أَمْرِكَ دانِ
فَمِنَ العِراقِ إلى الشَّامِ إلى ذرى ... مِصْرٍ إلى قُوصٍ إلى أُسْوانِ
لَم تَلْهُ عَنْ باقي الْبِلادِ وَإَّنما ... أَلْهاكَ فَرْضُ الغَزْوِ عَنْ هَمَذانِ
إعْزازُكَ الدّينَ الحْنَيفَ وَحِزْبَهُ ... قَدْ خَصَّ أَهْلَ الشِّركْ بالْإهْوانِ
أَذْعَنْتَ لِلهِ المْهُيَمْنِ إذْ عَنَتْ ... لَكَ أَوْجُهُ الأَمْلاكِ بِالإْذعانِ
أَنْتَ الّذي دُونَ المُلوكِ وَجَدْتُهُ ... مَلْآنَ مِنْ عُرْفٍ ومِنْ عِرْفانِ