للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَبابَةٌ لا أَسْتَقِلُّ بِشَرْحِها ... عَنْ حَصْرِها حَصَرُ الْبَليغِ الْمِدْرَهِ

أَأَحِبَّتي إنْ غِبْتُ عَنْكُمْ فَالْهَوى ... دانٍ لِقَلْبٍ بالْغَرامِ مُوَلَّهِ

أُنْهي إلَيْكُمْ أَنَّ صَبْرِيَ مُنْتَأً ... بَلْ مُنْتَهٍ، والشَّوْقُ لَيْسَ بِمُنْتَهِ

أَما عُقودُ مَدامِعي فَلَقَدْ وَهَتْ ... وَأَبَتْ عُقودُ الْوُدِّ مِنِّيَ أَنْ تَهي

وَلَقدْ دُهِيتُ بِيَنِكم فاشْتَقْتُكُمْ ... يا مَنْ لِمُشْتاقٍ بَبَيْنِكُمُ دُهِي

ما زِلْتُ عِنْدَكُمُ بأَرْضى عِيشَةٍ ... وَبقيتُ بَعْدَكُمُ بِعَيْشٍ أَكْرَهِ

أَبْدَتْ دُموعيِ مِنْهُ ما لَم أُبْدِهِ ... وَبُدِهْتُ مِنْهُ أَسًى بما لْم أُبْدَهِ

أَمّا الْهَوى فَأَنا مُدِلٌّ عِنْدَكُمْ ... عُوفِيتُمُ مِنْهُ بِقَلْبِ مُدَلَّهِ

أَرْعى نُجومَ اللَّيْلِ فِيكُمْ ساهِراً ... بِنُجومِ دَمْعٍ أَوْجُها في الأَوْجُهِ

خَطْبُ الْفِراقِ شُدِهْتُ مِنْهُ وَإنَّني ... لِلنّائِباتِ أَشَدِّها لْم أُشْدَهِ

نَظَري إلَيكُمْ كانَ إثْمِدَ ناظِري ... وَبَقِيتُ أَمْرِي خِلْفَ جَفْنٍ أَمْرَهِ

وإَذا أَلَمَّ خَيالُكُمْ مُتَأَوِّباً ... لاقَيْتُه بِتَأَلُّمِ الْمُتَأَوِّهِ

في شَوْقِكم أَبَدَ الزَّمانِ تَفَكُّري ... وَبِذِكْرِكُمْ عِندَ الْكِرامِ تَفَكُّهي

لوْ قيلَ لي: ما تَشْتَهي مِنْ هذِهِ الدُّ ... نْيا؟ لَقُلْتُ: سِواكُمُ لا أَشْتَهي

ما كانَ أَرْفَهَ عِيشَتي وَأَلَذَّها ... مَنْ ذَا الذَّي يَبْقى بِعَيْشٍ أَرْفَهِ

وَمِنَ السَّفاهَةِ أَنَّني فارَقْتُكُمْ ... مِنْ أَيْنَ ذُو الْحِلْمِ الَّذي لمْ يَسْفَهِ

وَعِقابُ أَيْلَةَ ما يُفارِقُ جِلَّقِاً ... أَحَدٌ إلَيها غَيْرُ غِرٍّ أَبْلَهِ

حَلَبَتْ غُروبَ الشَّأْنِ مِنّي غُرْبَةٌ ... في بَلْدَةٍ شَأْني بها لمْ يَنْبُهِ

ما لي وِمِصْرَ وَلِلْمطامِعِ إنَّما ... مَلَكَتْ قِيادي حَيْثُ لمْ أَتَنزَّهِ

لا تَنْهَني يا عاذِلي فَأَنا الذَّي ... تَبِعَ الْهَوى وَأَتى بما عَنْهُ نُهي

قَدْ قُلْتُ لِلْحادي وَقَدْ نادَيْتُهُ ... في مَهْمَهٍ: أَقْصِرْ وَصَلْتَ مَهٍ مَهِ

حَتَّامَ جَذْبُكَ لِلزِّمامِ فَأَرْخِهِ ... فَلَقَدْ أَنَخْتَ إلى ذَرى فَرُّخْشَهِ

قَدْ لُذْتَ بالْمُتَطَوِّلِ الْمُتَفَضِّلِ الْمُتَكَرِّمِ الْمُتَلَحِّمِ الْمتَنَبِّهِ

نُجْحُ الرَّجاءِ جَوابُ قَصْدي بابَهُ ... مَهْما هَمَمْتُ لَهُ بِجَوْبِ الْمَهْمَهِ

مَلكٌ يُجيبُ خِطابَ كلِّ مُؤَمِّلٍ ... وَيُجيرُ مِنْ عَضِّ الْخُطوبِ الْعُضَّهِ

مَنْ لمْ يُجِبْ بِسِوى نَعَمْ سُؤَّالَهُ ... وَلِمُعْتَفيهِ بِلا وَلَنْ لمْ يَجْبَهِ

مُتَكَرِّمٌ بالطَّبْعِ لا مُتَكَرِّهٌ ... شَتّانَ بَيْنَ تَكَرُّمٍ وَتَكَرُّهِ

بِيَدَيْهِ نُجْحُ الْمُرْتَجيى وَإلَيْهِ قَصْدُ الْمُلْتَجى وَلَدَيْهِ رُشْدُ الْأَتْيَهِ

إِحْسانُ ذي مَجْدٍ وَهِمَّهُ مُحْسِنٍ ... مُجْدٍ وَتَقْوى عابِدٍ مُتَأَلِّهِ

ما بارِقٌ ذُو عارِضٍ مِنْ وَدْقِهِ ... وَرُعودِهِ في نادِبٍ وَمُثقْهَقِهِ

هامٍ يَظَلُّ الرَّوْضُ مِنْ أَمْواهِهِ ... في الزَّهْرِ بَينَ مُذَهَّبٍ وَمُمَوَّهِ

فالْأَرْضُ مِنْ حُلَلِ الرَّبيعِ أَنْيقَةٌوَالرَّوْضُ منْ حَلْيِ الشَّقائِقِ مُزْدَهِ

أَجْدى وَأَسْمَحَ منْ يَدَيْهِ فَجُودُها ... عِنْدَ الْغُيوثِ إذا انْتَهَتْ لا يَنْتَهي

<<  <  ج: ص:  >  >>