للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنا عَبْدُ مَنْ شَهِدَ الزَّمانُ بِعَجْزِهِ ... عَنْ أَنْ يَجْيءَ لَهُ بِنِدٍّ مُشْبِهِ

عَبْدٌ لِعزِّ الدِّينِ ذي الشَّرَفِ الّذي ... ذَلَّ المُلوكُ لِعزِّهِ فَرُّخْشَهِ

الْمُوقِدِ الْحَرْبَ الْعَوانَ بِبَأْسِهِ ... وَالأُسْدُ بَينَ مُعَرِّدٍ وَمُوَهْوِهِ

الَمْفُحْمِ الْفُصَحاءِ فَصْلُ خِطابهِ ... منْ ذي الرَّوِيَّةِ فِيهِمْ وَالْمِبْدَهِ

فَكَأَنَّ قِرْناً يُبْتَلى بِنِزالِهِ ... يُرْمى بِطَوْدٍ فَوْقَهُ مُتَدَهْدِهِ

وَكَذا الْبَليغُ مُلْجْلِجٌ في نُطْقِهِ ... حَصَراً كأَلْكَنَ في الْكلامِ مُتَهْتِه

فَلْتَبْجَحِ الْعَلْياءُ منْهُ بِمِحْرَبٍ ... عِنْدَ الجْلِاد وفي الْجِدالِ بِمِدْرَهِ

هو غُرَّةُ الزَّمن البَهيمِ وعِصْمَةُ الْمُ ... لِكْ العَقيمِ وَغوثُ كُلِّ مُؤَيِّهِ

مَلِكٌ هُمامٌ حازِمٌ يَقِظٌ رِضى ... بَحْرٌ غَمامٌ عالمٌ نَدِسٌ نَهِي

فَطِنٌ لأِخَذْ ِمَحامِدٍ خَفِيَتْ عَلَى ... فِطَنِ الْأُلى فَلِبَعْضِها لمْ يُوبَهِ

مُتَنَبِّهٌ لِلْمَكْرُماتِ وَلمْ يَكُنْ ... عَنها يَنامُ فَيهْتَدي بِتَنَبُّهِ

يُعْدي عَلَى جَوْرِ الزَّمانِ بِعَدْلِهِ ... وَيُجيرُ بِالنَّعماءِ كُلَّ مُوَلَّهِ

وَإذا اسْتَغاثَ إليهِ منهُ مالُهُ ... كانَتْ إغاثَتُهُ لَهُ: صَهٍ أوْ مَهٍ

وَعَلَى شمائِلِ مَجْدِهِ وَرُوائهِ ... لِلْمُلْكِ أُبَّهَةٌ بغَيْرِ تَأَبُّهِ

مَا اللَّيْثُ أَوْغَلَ في التَّرائِبِ نابُهُ ... سَغَبِاً يَصولُ بأَهْرَتٍ مُتَكَهْكِه

يَوْماً بِأَسْفَكَ لِلدِّماءِ لَدى الْوَغى ... مِنْهُ وَأَقْتَلَ لِلْعُداةِ وَأَعْضَهِ

تَعِبَتْ أَسِنَّتُهُ عَلَى عَلْيائِهِ ... حَتّى تَفَرَّدَ بِالْمَحَلِّ الأَنْوَهِ

فَغَدا وَراحَ بهِ رَعايا مُلْكِهِ ... في راحَةٍ تَتْهو بِسُودَدِهِ الْبَهي

كَمْ في عَناءِ المُتْعَبينَ عَلَى الْعُلى ... مِنْ مُتْرَفٍ بِعَنائهمْ مُتَرَفِّهِ

اُنْظُرْ إذا ازْدَحَمَ الْوُفودُ بِبابِهِ ... مِنْ كُلَّ ذي أَمَلٍ بِهِ مُتَوَجِّهِ

إنْ شَطَّ لمْ يَشْطُطْ رِضاهُ وَإنْ سَطا ... فيما يُحاوِلُ عِنْدَهُ لمْ يُنْجِهِ

طابَتْ مَوارِدُهُ فَغَصَّ فِناؤُهُ ... وَشَدا الْحُداةُ بِذِكْرِهِ في الْمَهْمَهِ

كالْماءِ عِنْدَ وُرودِهِ ما لمْ يكُنْ ... عَذْباً نَميراً سائِغاً لمْ يُشْفَهِ

يا خَيْرَ بانٍ بالشَّجاعَةِ وَالنَّدى ... فَخْراً يَهِي عُمْرُ الزَّمانِ ولا يَهي

يَفْدِيكَ كُلُّ مُمَلَّكٍ مُتَيايِهٍ ... أَبَداً بِأَلْسِنَةِ الرَّعاعِ مُمَدَّهِ

لا يَفْقَهُ النَّجْوى إذا حَدَّثْتَهُ ... وَإذا أَتى بِحَدِيثِهِ لمْ يُفْقَهِ

إني عَلَى شَرَفِ الْقَريضِ لهَاجِرٌ ... لِلنَّظْمِ هِجْرَةَ آنِفٍ مُتَنَزِّهِ

أَضْحى وَعُصْبَتُهُ كَمَمْدُوحِيِهمُ ... في جَهْلِ قِيمَةِ ذي الْحِجى وَالأَوْرَهِ

أَبَداً عَرائِسُ مَدْحِهِ تُجْلى عَلَى ... دَنِسِ الْخَبيئَةِ بالْعُيوبِ مُشَوَّهِ

قُلْ لِلْممُيَزِّ مُنْشِشداً أَوْ سامِعاً ... في النّاسِ بَيْنَ مُفَهَّهٍ وَمُفَوَّهِ

آليْتُ لا أَوْلَيْتُ غَيْرَكَ مِدْحَةً ... شِعْراً وإنْ أَفْعَلْ فَمِدْحَةُ مُكْرَهِ

أَصْبَحْتُ منْ نُعْماكَ صاحِبَ أَنْعُمٍ ... تُرْجى نَوافِلُها وَعَيْشٍ أَبْلَهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>