أَعْلَيْتَ في مِصْرٍ مَكاني بَعْدَما ... خَفَضَتْ بِه وَلِقَدْرِهِ لمْ يُؤْبَهِ
طَلعَتْ نُجومُكُمُ الثَّواقِبُ لِلْوَرى ... زُهْراً وَإنّي كالسُّهى عَنْهُ سُهِي
جَبرَتْ يَدُ الإفْضالِ مِنْهُ مَكاسِراً ... مِنْ فَضْليَ الْمُتكَسِّرِ الْمُتَكَدِّهِ
عَرِّفْ بِعُرْفِكَ مِنْهُ ما لمْ يَعْرِفوا ... نَبّاً وَعَنْ سِنَةِ التَّغافُلِ نَبِّهِ
فَضْلي خَلَوْتُ لأَجْلِهِ منْ حُظْوَةٍ ... هِيَ لِلْأرَيبِ كَنَبْتِ مَرْتٍ أَجْلَهِ
الْفَضْلُ مُشْتَعِلٌ بِنارِ بَلائِه ... والْحَظُّ مُشتغِلٌ بِأَخْرَقَ أَوْرَهِ
أَعِرِ التَّأَمُّلَ فِقْهَ شِعْري مُنْعِماً ... لا يَشْعُرُ الإِنْسانُ ما لمْ يَفْقَهِ
وَتَمَّلها غَرّاءَ جامِعَةً لَكُمْ ... في النَّعْتِ بِيْنَ تَمَدُّحٍ وَتَمَدُّهِ
يَهتَزُّ ذُو الْحُسْنى لِجَلْوَةِ حُسْنها ... وَتَجِلُّ عَنْ تَحْسينِ كُلِّ مُزَهْرِهِ
أَفْواهُ أَهْلِ الْفَضْلِ ناطِقَةٌ لهَا ... بالْفَضْلِ إنْ قِيسَتْ بِشْعِر الأَفْوَهِ
وَإنِ الْعُقولُ لهَتْ لهَا فَلأِنَّها ... مَحْمِيَّةٌ عَنْ كُلِّ مَعْنىً لَهْلَهِ
صَهْباءُ تُودِعُ سامِعيها نَشْوَةً ... وَتُعيرُ عَرْفَ الْمِسْكِ لِلْمُسْتَنْكِهِ
فَوَلِيُّها بِتَشَوُّقٍ وَتَشَوُّفٍ ... وَحَسودُها بِتَشَوُّرٍ وَتَشَوُّه
دُمْ يَا بْنَ شاهِنْشاهَ مَلْكاً سَيِّداً ... مُتَوَشِّشحاً بِالسُّؤْدُدِ الشَّاهِنْشَهي
مُتَمَلِّياً بهرامَ شاه مُمَتَّعاً ... مِنهُ بنَدْبٍ سَيِّدٍ شَهْمٍ شَهِيْ
لَوْ شاهَدَ الْيَمَيِنيُّ جَبْهَة يُمْنِكُمْ ... ما ظَلَّ مُفْتَخِراً بِخَيْلِ الأَجْبَهِ
هذه إشارةٌ إلى أنني نظمت هذه القصيدة على وزن قصيدةٍ أوردها لبعض شعراء اليمن في آخر القسم الثالث أولها:
العز في صهوات خيل الأجبه
ولما سمع تاج الدين الكندي القصيدة، عمل على وزنها في مدح عز الدين أيضاً:
هَلْ أَنتَ راحِمُ عَبْرَةٍ وَتَوَلُّهِ ... وَمُجيرُ صَبٍّ عِنْدَ مَأْمَنِهِ دُهِيْ
هَيْهاتَ يَرْحَمُ قاتِلٌ مَقْتُوَلهُ ... وَسِنانُهُ في الْقَلْبِ غَيْرُ مُنَهْنَهِ
مَنْ بَلَّ منْ داءِ الْغَرامِ فإِنَّني ... مُذْ حَلَّ بي داءُ الهَوى لمْ أَنْقَهِ
إنّي بُليتُ بِحُبِّ أَغْيَدَ ساحرٍ ... بلِحاظِه رَخْصِ الْبَنانِ بَرَهْرَهِ
أَبْغي شِفاءَ تَدَلُّهي منْ دَلِّهِ ... وَمَتى يَرِقُّ مُدَلَّلٌ لِمُدَلَّهِ؟
كَمْ آهَةٍ ليَ في هَواهُ وَأَنَّةٍ ... لَوْ كانَ يَنْفَعُني عَلَيْهِ تَأَوُّهي
وَمَآرِبٍ منْ وَصْلِهِ لَوْ أَنها ... تُقْضي لَكانَتْ عَنْدَ مَبْسَمِهِ الشَّهي
يا مُفْرَداً بالْحُسْنِ إنَّكَ مُنْتَهٍ ... فيهِ كما أَنا في الصَّبابَةِ مُنْتَهِ
قَدْ لامَ فيكَ مَعاشِرٌ أَفأَنْتَهي ... باللَّوْمِ عَنْ حُبِّ الْحياةِ وَأَنْتَ هِيْ
أَبْكي لَدَيْهِ فإنْ أَحَسَّ بِلَوْعَةٍ ... وَتَشَهُّقٍ أَوْما بِطَرْفِ مُقَهْقِهِ
أَنا منْ مَحاسِنِه وَحالي عنْدَهُ ... حَيْرانُ بَيْنَ تَفَكُّهٍ وَتَفَكُّهِ
ضِدَّانِ قَدْ جُمِعا بِلَفْظٍ واحِدٍ ... لي في هَواهُ بِمَنْعَيَينِ مُوَجَّهِ
لأُجَرِّدَنَّ مِنِ اصْطِباري عَزْمَةً ... ما رَبُّها في مَحْفِلٍ بِمُسَفَّهِ
أَوَ لَسْتُ رَبَّ فَضائِلٍ لَوْ حازَ أَدْ ... ناها وَما أُزْهى بها غَيْري زُهي
شَهِدَتْ لَها الأَعْداءُ وَاسْتَشْفَتَ بهَا ... عَيْنا حَسودٍ بالْغَباوَةِ أَكْمَهِ