للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم ذابَ من حَرِّ التعانق بيننا ... قلائدها حتى افترقنا من اللَّذْعِ

سَقَى الله أيامَ الوصال مدامعي ... عليها وإن أَسْرَفْنَ في الهطل والنَّبْع

زماناً تقود اللهوَ فيه يَدُ المُنَى ... ويُدْمِي التراضي صِحَّةَ الصدِّ بالصَّدْعِ

ولا نائلُ الحسناءِ نَزْرٌ ولا النَّوَى ... تجاهرُ فينا دَوْلَةَ الوَصْل بالخَلْع

إذا شئتُ غنَّاني غزالٌ مُغازِلٌ ... نَشِيطُ التثني فاترُ الخُلْفِ والمَنْعِ

يغنِّي فتحمرُّ المدامةُ خَجْلَةً ... ليَقْصُرَها عن سَلْبَةِ العقْل بالخدعِ

فأصرفُ راحي حين يُكْسَفُ بالها ... وأشربُ منه راحةً بفم السَّمْعِ

وأَطربُ حتى لا أُفيق كأنَّما ... أَتانيَ في عبد الرحيم هَنَا الرَّجْعِ

وما ذاك من فعلِ الإله بمنكرٍ ... ولا عَوْدُهُ من قدرة الله بالبِدعِ

نأَى فدنا من كل طَرْفٍ سهادُهُ ... وسار فأَبقى كلَّ قلب على فَجْع

إذا نظرت عينٌ سواه تَلَثَّمَت ... حياءً بعنوان الوفاءِ من الدمع

وإِنْ عَزَمَت نفسٌ على قصدِ غيره ... ففي أَيِّ دِرْعٍ تلتقي أَسهمُ الرّدع

أياديه يُشْجي الناسَ تذكيرُها به ... فأَعْجِبْ بضُرٍ جاءَ من جهةِ النفع

وقد ضاق ذَرْعُ الصبر منا لفقده ... فيا حبذا من فقده ضِيقَةُ الذَّرْع

فلولا اصطبارٌ فيه أَعْدَى بلادَهُ ... لسارت إليه واستجارتْ من القطع

لِكُتْبِ الأجلِّ السيدِ الفاضلِ اغتدتْ ... رقابُ الأَعادي ناكساتٍ من الهَطْع

ومن قَلَمٍ في كفه أصبحت به ... حدادُ المواضي عاجزاتٍ عن القطعِ

ومن فكره أضحتْ أَفاعي يراعِهِ ... مع البعد منها قادراتٍ على اللَّسْعِ

متى خطَّ حرفاً أُوهِمَتْ كلُّ قلعةٍ ... ولم تُخْط وهماً أَنها في يدِ القَلْع

فلله كُتْبٌ منه إِن أَبصرَ العِدَى ... لها مطلباً لم يدفعوها عن الدفع

وإِنْ قيل عُقْبَى خَلْعِهَا كلَّ مفسد ... لقد زِدْتِ قالتْ ذا اختصاري وذا قَنْعي

لو ادَّرَعَ المرءُ الجبانُ ببعضها ... لأَصْبَحَ في الجُلَّى غنياً عن الدِّرْع

لئن شوركتْ في فتح حمصٍ بأَسْهم ... مضت من قِسيٍ لَسْنَ يُخْطين في النّزْعِ

فقد أَوْهَمَتْ تلك السهام بأَنها ... مُنَصَّلةٌ مما يحوكُ من السَّجع

فتباً لمن ظنَّ السيوفَ ككتبه ... لقد ظنَّ ظناً فاسدَ الأَصلِ والوَضْع

تُشَبِّعُ هاتيك الطيورَ وهذه ... من الأَمن تملأ أنفسَ الناسِ بالشِّبْع

ومن لفظها الماءُ المَعينُ فلو جرى ... لريَّانَ أَفنى منه ما سال بالجِزْعِ

لتهنِكَ يا عبدَ الرحيم سعادةٌ ... بها شاسعُ الآمال أَدنى من الشِّسْع

ولا خاب من يرجو نداك ولا خبا ... شهابُ ردىً يرمي أَعَاديكَ بالسَّفْعِ

فيا سيدي أَللهُ يعلمُ أَنَّنَا ... خصوصاً بضُرٍ مؤلمٍ صائبِ الوقع

بُلينا بحسادٍ كثيرٍ أَذاهمُ ... يظنون أَنَّ الشَّرْعَ قد نُصَّ في الشرع

ولا يَجْنِ بل لا يُجْرِ فيَّ اعتقادهم ... من الشرِّ وِتْراً أَوْ يعزَّزَ بالشَّفْع

ولو أننا في نعمةٍ يحسدونها ... لهان ولكن عُذْرُهُمْ كَرَمُ الطبع

فللناس حزنٌ من فراقك واحد ... وأَحزاننا قد أَوْهَنَتْ نَفَرَ الجمع

لقد خاطرتْ من خاطري خَطَراتُهُ ... لشكوايَ حالاً ضاقَ عن كتمها وُسْعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>