للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجيدُ أَحسنُ ما يكون لمُسْمِعٍ ... أَضحى بجوهره النفيس مُزَيَّنا

وإذا حواه الطرسُ فتَّحَ أعينا ... من زهره تُصْبِي إليه الأَعينا

فالطِّرسُ ساحةُ فضةٍ وسطورُهُ ... مِسْكٌ تُفَرِّعُهُ اليراعةُ أَغصنا

لله من عبد الرحيم يراعةٌ ... تَذَرُ الحسامَ من الفلولِ مُؤَنَّنَا

فلسانه قد صار لولا شكرُهُ ... لجميل نعمتها لساناً أَلْكَنا

وكتابهُ للمُلْكِ منه كتيبةٌ ... تدع العدوَّ مُحَيَّراً ومُجَبَّنا

هو سورُهُ حيث السطورُ بروجُهُ ... فلذاك صار مُحَصَّناً ومحسَّنا

ولقد علا بأبي عليٍ جدُّ من ... جعل الرجاءَ إليه أَنْفَسَ مُقْتَنَى

يدعوه حين يُخيفُهُ إِقْتَارُهُ ... فإذا دعا كان النوالُ مُؤَمَّنا

إنْ يأْتِهِ يَلْقَ النزيل مُعَزَّزَاً ... ويصادفُ الذهبَ النضارَ مُهَوَّنا

والوجهَ أَبلجَ والفناءَ مُوَسَّعَاً ... والعزَّ أَقعسَ والعلاءَ مُمَكَّنَا

أَغنى وأَقنى قاصديه فكلُّهُمْ ... يُثْني ولا يَثْني عِنَاناً للثَّنَا

تُثْني القلوب على نداه وربما ... ركبَ النفاقُ مع الثناءِ الأَلْسُنَا

كم عاذلٍ في الجود قال له اتَّئِدْ ... لا تَلْحَنَا فيه لئلا تَلْحَنَا

يفديه من تلقاه قاصدَ رِفْدِهِ ... مُتَلَوِّياً في رِفْدِهِ مُتَلَوِّنَا

أصبحتُ في مدح الأجلِّ مُوَحِّداً ... ولكم أتتني من أياديه ثُنَى

وغدوتُ في حبي له متشيعاً ... من ذا أى متشيعاً مُتَسَنِّنَأ

ورأيتُ صحبته نعيماً عاجلاً ... فرأيتُ بذلَ النفسِ فيه هينا

وأَرادني فظننتُ غيري قصدَهُ ... فوجدت دهري مذ عَنَاني مُذْعِنَا

يا ليت قومي يعلمون بأنني ... أدركتُ من كفيكَ نادرةَ المنى

أَوْلَيْتَ حسادي بما أَوليتني ... علموا يقيناً أَنَّ أَيْسَرَهُ الغنى

فملأتُ كفي منك جوداً فائضاً ... وملأتُ سمعي منك قولاً لَيِّنا

أَنْسَيْتَنِي أهلي على كَلَفِي بهم ... وذكرتُ أَني قد نسيتُ الموطنا

وعلمتُ من سفري بأني لم أَزلْ ... متغرباً لما لزمتُ المسكنا

كم والهٍ يبكي عليَّ ويشتكي ... أَلماً من البينِ المُفَرِّقِ بيننا

وإذا رأى أَثَري بَكَى فكأنه ... طَلَلٌ تقادم عهده بالمُنْحَنَى

ويظنُّ دهري قد أَساءَ ولو دَرَآ ... حالي لأَيْقَنَ أَنَّه قد أَحسنا

لا زال رأيك لي يزيدُكَ ضنَّةً ... في صحبتي ويزيد حسادي ضَنَا

وَهَناكَ عيدٌ أنت عيدٌ عنده ... ولذاك أضحى فيك أَوْلَى بالهنا

وبقيتَ ما بقيَ البقاءُ فإن دنا ... منه الفناءُ بقيتَ أو يَفْنَى الفَنَا

وقال يمدحه

أَبَى أنْ يَسُرَّ العاشقين إيابُ ... وأن يردعَ البينَ المشتَّ عتابُ

وما العشقُ إلا موتُ جسمٍ إذا دعا ... فإن نفوسَ العاشقين جواب

ومن صحَّ من داء الصبابة قلبُهُ ... رأَى أَنّ رأْيَ العاشقين صواب

رعى الله قوماً رَوَّعُوا بفراقهم ... فؤاداً حماه من حِجاهُ حِجاب

تضاعفَ ضعفي حين شُدَّتْ قِبابُهم ... وقد زاد كربي حين سار ركابُ

عبرنا فكم من عبرةٍ في ديارهم ... تُذَالُ ونفسٍ بالحنين تُذَاب

ومنها:

وغانيةٍ لم تَعْدُ عشرين حجةً ... أقولُ لها قولاً لديه ثوابُ

عليكِ زكاةٌ فاجعليها وصالَنَا ... لأنّكِ في العشرين وهي نِصَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>