له القلم الماضي الشَّبَا فكأنما ... تهز به أعرافُهُ صدرَ مُرْهَف
إذا ما سقاه المزنُ صوبَ قطاره ... كسا الطرسَ أثوابَ الربيع المُفَوَّف
وله من أخرى:
حَيِّ من رَيَّا خيالاً طَرَقَا ... عاد جُنحُ الليلِ منه فَلَقَا
سارياً يُذْكِرُنَا عهدَ الحمى ... نقصَ البيد وقصَّ الطُّرُقا
حبذا الطيفُ تَعَلَّلْنَا به ... واصفاً في البين أيام اللقا
قد رضينا من أباطيل الكرى ... ردَّ ما موَّهَهُ واختلقا
المُنَى إن لم يكن إلا المنى ... إنها لَهْيَ النعيم في الشقا
هل مُعاد والأماني ضَلَّةٌ ... موقفٌ بين المصَلَّى فالنَّقَا
يا نسيم الريح إما جِئْتهمْ ... فاشكُ عن قلبي الجوى والْحُرَقَا
وتعرَّضْ لملولٍ منهمُ ... مستجدٍ كلّ يومٍ خُلُقَا
وطموحِ العينِ مذَّاقِ الهوى ... قلَّ ما مازح إلا عشقا
آه والشكوى إليكم خَوَرٌبعد ظنٍ في هواكم أخفقا
يا لهيفاءَ وقلبي كلما ... قلتُ قد أَفْلَتَ منها عَلِقَا
ولخلٍ كالشَّجَي معترضٍ ... ما محضْتُ الودّ إلا مَذَقَا
وله من قصيدة:
أتمنَّاهَا على بُعْد المَنَالِ ... وأسومُ الصبرَ عنها وهو غالي
وأُرجِّي عطفةَ السالي وقد ... تَعْلَق الأطماعُ أسبابَ المُحَالِ
وعلى ما سَرَّني أو سَاءَني ... فَهْوَ محبوبُ التجني والدلالِ
ولقلبي من أحاديث المُنَى ... ما لعيني من سُرَى طَيْفِ الخيالِ
ومنها:
لستُ بالفائت حظِّي منكمُ ... رب عتبٍ كان باباً لملال
مذهبٌ ما ابتَدَعَتْهُ غادةٌ ... يُبْذَلُ العذرُ لربات الحجال
أَنْكَرَتْنِي أَنْ رأتْنِي عاطلاً ... ربَّ جيدٍ عاطلٍ بالحُسْن حالي
من عذيري اليومَ من أيد خطو ... بٍ رعى البادنُ منها في هزالي
هممُ العلياء ضرَّاتُ الغِنَى ... وجيوشُ الفقر إِكثار العيال
فارضَ بالأدنى إذا لم ترقَ في ... درجاتٍ من ذرا المجد عوالي
أو فكن جارَ شهنشاهٍ تَصِفْ ... مُغْرماً بالجود فَيَّاضَ النوال
كَفَل الملك بأطرا القَنَا ... والمعالي في كَفَالات العَوَالي
ومُطاعُ الرمح في يوم الوَغَى ... نافذُ الحكم على الأرواح وَالي
عَلَّقَ الأرزاقَ من أَسْمَرِهِ ... مَعْلَقَ الرمح بأطراف النصال
يَنْفُضُ العِثْيَرَ عن أعطافه ... نفضةَ الأَجْدَلِ أَنداءَ الظلال
وله من أخرى:
لولا الحظوظ التي في بعضها بَلَهٌ ... لما علا الشمسَ بهرامٌ ولا زحلُ
همٌّ لبستُ له ثوبَ الضَّنَا كمداً ... والهمُّ يفعل ما لا تفعلُ العلَلُ
ومنها:
من كلِّ أروعَ في الهيجاءِ يصحبه ... عَزْمٌ فَتِيٌّ ورأيٌ منه مُكْتَمِلُ
الأرقمُ الصِلُّ إِلاَّ أَنه بَطَلٌ ... والأَغلبُ الوَرْدُ إلا أنَّهُ رَجُل
ومنها:
وصاحبٍ مثلِ حُمَّى الرِّبْعِ أرقبها ... مُغْرىً بذمِّيَ منه المنطقُ الخَطِلُ
رَمَى ولو أنني أرضيه قلت له ... خذها إِليك لكفِّ المخطىءِ الشَّلَلُ
وله من أخرى:
يا هل جَنَتْ أعينٌ مراضٌ ... كالخمر تسطو على العقولِ
أصابتِ القلبَ يوم سَلْعٍ ... بنافذاتٍ بلا نصولِ
فقلْ إذا جئتَ آل سهمٍ ... ما فعل السهمُ بالقتيل
ويا نسيمَ الصَّبا تَعَرَّضْ ... لحاضرٍ بالغَضَا حُلُولِ
بلِّغْ فإنّ القبولَ أوْلى ... في طاعةِ الصبِّ بالقَبُول
وصفْ غرامي وأَجْرِ فيهمْ ... ذكرىَ للهاجر المَلُولِ
واحرَّ قلباه من قضيبٍ ... رَيَّانَ لم يدرِ ما غليلي