جَسَّ أوتارَهُ فأصلح منَّا ... صالحاً صارَ في يدِ الإصلاح
بين ريحٍ من المزامير أَسْرَى ... بين أَجسامنا من الأرواح
وصِبَاحٍ قد عقَدُوا طُرُزَ الليل ... جمالاً على الوجوه الصِّبَاح
يبعثُ الروضُ منهمُ حركاتٍ ... سَرَقَتْ بعضها طوالُ الرماح
هكذا هكذا وإلا فلا لا ... طُرُقُ الجِدِّ غيرُ طُرْقِ المِزاح
وله في وصف مغن:
لا أَشربُ الراحَ إلاَّ ... ما بين شادٍ وشادنْ
وإن فَنِيتُ فعندي ... إلى مَعَادٍ مَعَادنْ
قمْ يا نديمي فأَنْصِتْ ... والليلُ داجٍ لداجن
غنَّى وناح فَنَزَّعْ ... تُ ثوبَ خاشٍ مُخَاشِنْ
طاوِعْ على القصفِ والعزْ ... فِ كلَّ حاسٍ مُحَاسِن
وانهض بطيشك عن سَمْ ... تِ ذي وقارٍ وَقَارِنْ
هاتِ الكميتَ وأهلاً ... منها بصافٍ وصافن
أَثورُ من ذي ومن ذا ... بكل غابٍ بغابن
وإن رمتني الليالي ... يوماً بداهٍ أُدَاهِن
وله في ذم زامر:
تعبتَ وما أَتيتَ لنا بشيءٍ ... فكيف تكون ساعةَ تَسْتَرِيحُ
فلا تُكْثِرْ علينا في مُحَالٍ ... بِزَمْرِكَ، صَحَّ أَن الزمرَ ريح
وله:
ينافرُ إيقاعُهُ صوتَهُ ... فهذا يزيدُ وذا ينقصُ
ويتبعه زامرٌ مثلُهُ ... تبيعٌ له نَفَسٌ أَوْقَص
فإن قامَ ما بيننا راقصاً ... فكلٌّ إِلى بيتهِ يرقص
وله في مغن:
تَثَنَّى فلا مَيْسَ الغصونِ ولينها ... ورجَّعَ أصواتاً فلا تَذْكُرِ الوُرْقَا
وأَعجبُ إذ تحتثُّ يمناهُ طارةً ... فتسمعها رعداً وتبصرها برقَا
له القصيدة السيارة التي مطلعها:
ألْحِقْ بنفسجَ فجري وَرْدَتَيْ شَفَقي ... كافورة الصبح فتَّتْ مسكةَ الغَسَقِ
قد عُطِّلَ الحسنُ من أسمار أَنجمه ... فاعقدْ بخمرك فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قم هاتِ جامك شمساً عند مصطبح ... وخلِّ كاسكَ نجماً عند مغتبق
واقسمْ لكل زمان ما يليقُ به ... فإن للزَّنْد حلياً ليس للعنق
هبَّ النسيمُ وهبَّ الريمُ فاشتركا ... في نكهةٍ من نسيم الروضة العَبِق
واستَرْقَصَتْنِيَ كاستِرْقاصِ حاملها ... فخضْرَةُ الوُرْقِ في مخضرَّة الوَرَقِ
وبتُّ بالكأس أَغْنَى الناسِ كلِّهِم ... فالخمرُ من عسجدٍ والماءُ من وَرق
كم وَرَّدَت وجنات الصِّرفِ في قَدَحٍ ... فتحْت بالمزج ما تعلوه من حدق
يسعى بها رشأٌ عيناه مذ رمقت ... لم يُبْقِ فيَّ ولا فيها سوى الرمق
حبابُها وأحاديثي ومبسِمُه ... ثلاثةٌ كلها من لؤلؤٍ نَسَق
حتى إذا أخذتْ مني بسَوْرتها ... ما يأخذُ النوم من أجفان ذي أرق
ركبتُ فيه بحاراً من عجائبها ... أَنِّى سلمتُ ولم أشعُر من الغرق
ولم أزل في ارتشافي منه ريقَ فمٍ ... أَطفَأْتُ في بَرْده مَشْبوبةَ الحُرَق
يا ساكنَ القلب عما قد رميت به ... من ساكني الجزع مَعْ ما فيه من قلق
لا تعجبنَّ لكل الجسم كيف مضى ... وإِنما اعجب لبعض الجسم كيف بقي
لم أَسترِق بمنامي وصلَ طيفهمُ ... فما له صار مقطوعاً على السَّرَق
من شعر أبي محمد بن سنان الخفاجي حيث يقول:
إِذا سكنتمْ فقلبي دائمُ القلق ... وإن رقدتمْ فطرفي دائمُ الأَرَق
سرقتُ بالنوم وصلاً من خيالكمُ ... فصار نوْمِيَ مقطوعاً على السَّرَق
ومن قصيدة ابن قلاقس:
في الهندما قيل أسيافُ الحديدِ ولو ... لا هندُ ما قيلَ أسيافٌ من الحَدَقِ