للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد شاركَتْنا فيه كَفُّكَ إذ غَدَتْ ... عليه لنا عند العطاءِ تُعِين

تجودُ لنا بالبِرِّ ثم تردُّهُ ... لها وهْوَ دُرٌّ بالمديحِ ثمين

وأنشدني له أيضاً:

لقد جَرَّدَ الإسلامُ منك مهنَّداً ... حديداً شَبَاهُ لا يُداوَى له جُرْحُ

إقامةُ حَدِّ الله في الخلقِ حَدُّهُ ... إِذا سَلَّهُ، والصفحُ عنهمْ له صَفْحُ

وله

وذي هَيَفٍ يُدعى بموسى، بطرفِهِ ... بقيةُ سحرٍ تأخذ العين والسمعا

وحيَّاتُهُ أَصداغه، وعِذَارُهُ ... يُخَيِّلُ لي في وجهه أنها تَسْعَى

وله في غلام له خال بين عينيه:

ومهفهفٍ أَسيافُ مقلته ... أبداً تُريق من الجفون دما

عيناهُ في قلبي تنازعتا ... فسوادُهُ قد ظَلَّ بينهما

وله في غلام تغرغرت عيناه عند الوداع:

ومرنَّح الأعطاف تحسبُ أنَّه ... رُمْحٌ ولكنْ قدَّ قلبيَ قَدُّهُ

إن قلتُ إنّ الوَجْهَ منه جَنَّةٌ ... أَضحى يكذِّبني هنالك خَدُّه

ولئن ترقرقَ دمعه يومَ النوى ... في الطَّرْفِ منه وما تناثرَ عِقْدُهُ

فالسيفُ أقطعُ ما يكون إذا غدا ... مُتَحَيِّراً في صفحتيه فِرِنْدُه

وله

هُمْ نصب عيني: أنجدوا أو غاروا ... وَمُنَى فؤادي: أَنصفوا أو جاروا

وهمُ مكانَ السرِّ من قلبي وإن ... بَعُدَتْ نوىً بهمُ وشَطَّ مَزَار

فارقتهم وكأنهم في ناظري ... مما تُمَثِّلُهُمْ ليَ الأفكار

تركوا المنازلَ والديار فما لهم ... إلا القلوب منازلٌ وديار

واستوطنوا البيدَ القفارَ فأصبحتْ ... منهم ديارُ الإِنس وهْيَ قفار

فلئن غَدَتْ مصرٌ فلاةً بعدهم ... فلهمْ بأجواز الفَلاَ أمصار

أو جاوروا نجداً فلي من بعدهمْ ... جاران: فيضُ الدمع والتذكار

أَلِفوا مواصلةَ الفلا والبيدِ مُذْ ... هجرتهمُ الأوطان والأوطار

بقلائصٍ مثل الأهلَّةِ عندما ... تبدو، ولكنْ فوقها أقمار

وكأنما الآفاقُ طراً أَقْسَمَتْ ... أَلاَّ يقر لهم عليه قرار

والدهرُ ليلٌ مذ تناءت دارهمْ ... عنِّي، وهلْ بعد النهار نهار

لي فيهمُ جارٌ يمتُّ بحرمتي ... إن كان يُحْفَظُ للقلوبِ جِوَارُ

لا بل أَسِيرٌ في وَثَاقِ فائه ... لهمُ فقد قتل الوفاءَ إِسار

ومنها:

أمنازلَ الأحباب غيَّرَكِ البلى ... فلنا اعتبارٌ فيك واستعبار

سَقْياً لدهرٍ كان منك تشابهتْ ... أَوقاتُهُ فجميعه أَسحار

قَصُرَتْ ليَ الأعوامُ فيه فمذ نأَوْا ... طالتْ بي الأَيَّامُ وهي قِصَار

يا دهرُ لا يَغْرُرْكَ ضَعْفُ تجلدي ... إِني على غير الهوى صَبَّار

وله

كأنَّ قدودهمُ أَنبتتْ ... على كُثُبِ الرَّمْلِ قُضْبَانَها

حججنا بها كعبةً للسرورِ ... ترانا نُمَسِّحُ أَرْكَانَها

فطوراً أعانقُ أَغصانها ... وطوراً أُنادم غزلانها

على عاتقٍ إن خَبَتْ شَمْسُنَا ... فَضَضْنَا عَنِ الشمس أَدْنَانَها

وإن ظهرَتْ لكَ محجوبةً ... قرأت بأَنْفِكَ عُنْوَانَها

كُمَيْتٌ من الراح لكنما ... جعلنا من الروح فرسانَها

إذا وجدت، حلبةٌ للسرور ... وكان مَدَى السُّكر مَيْدَانها

يطوفُ بها بابليُّ الجفونِ ... تفضحُ خَداهُ ألوانها

إذا ما ادَّعَتْ سَقَماً مُقْلَتَاهُ ... أَقمتُ بجسميَ بُرْهَانها

بكأس إذا ما علاها المزاجُ ... أَحالَ إلى التبر مَرْجَانها

<<  <  ج: ص:  >  >>