أغصانُ بانٍ ما تميدُ بها الصَّبَا ... وتمرُّ أَنفاسي بها فتميد
ومنها:
مُقَلٌ يُضِئْنَ من الجفون كأنها ... بيضُ الصوارمِ والجفونُ غُمودُ
أحداقُهُنَّ الزُرْقُ زُرْقٌ لُمَّعٌ ... يومَ الكفاح، وسودُهُنُّ أُسُود
لولا دماءُ العاشقين شَفَحْنَها ... ما احمرَّ في وَجَناتها التَّوْريد
لم أَدْرِ قبلَ شفاهها وثغورِها ... أَنَّ الشقائقَ حَشْوُهُنَّ عقود
ومنها:
وارْفَضَّ من عَرَق الحياءِ جُمانُهُ ... فتقلَّدَ الدُّرَّيْنِ منها الجيدُ
رقَّتْ معاقدُ أزْرِه فكأنَّما ... تلكَ المعاطفُ ما بها تَجْسِيد
نشوانُ تجرحُ مقلتاه قلوبَنَا ... فهو النزيفُ وَلَحْظُهُ العِرْبيد
ومنها في المخلص:
إنْ كان مذمومَ الأَذِمَّةِ في العُلا ... زمنٌ فمحمودُ العُلا محمودُ
وله من قصيدة:
أَما وقوامِ الأَمْلَدِ المتأَوِّدِ ... يجاذبُ من أَعْطَافِهِ دِعْصُهُ النَّدِي
لقد رَقَصَ البانُ المُرَنَّحُ بالصَّبَا ... فغنَّتْ له الأطيارُ أَلحانَ مَعْبَدِ
ومنها في وصف فرس:
وكائِنْ أخوضُ الليل من مِثْلِ شعرها ... إِليها على رَخْوِ العنانين أَجْردِ
كأن عقيقاً جسْمُهُ وكأنما ... سنابِكُهُ مخلوقَةٌ من زبرجد
كأن خدودَ الغانيات أَعَرْنَهُ ... من الحسن ما في كل لونٍ مُوَرَّدِ
حَمَلءتُ بها سمراءَ خَطٍ لو انَّها ... رأتْها قدودُ البان لم تتأوَّدِ
وعَضْباً صقيلاً مازجَ النارَ ماؤُه ... عليه فلم تَخْمَدْ، ولم تَتَوقَّدِ
مضاربُهُ تُسْدِي وتُرْدِي كأَنَّمَا اسْ ... تَعَرْنَ خلالاً من سجايا مُحَمَّدِ
وله
يا أَمْيَسَ الأَغصان من أَوراقهِ ... بُرْدُ الحرير مُحَبَّرٌ واللاَّذُ
مَهْلاً على دَنِفٍ تُقَدُّ بصارم ... اللَّحَظَات منه لقلبهِ أَفْلاذ
أَفنى مدامِعَه عليكَ تأسفاً ... مذ بِنْتَ دَمْعٌ وابلٌ ورَذَاذُ
وأَلانَ حُبُّكَ منه قلباً قاسياً ... كالنارِ لانَ لحرِّها الفولاذُ
وقال من قصيدة مطلعها:
سَفَرْنَ ووجهُ الصبح يلتاحُ مُسْفراً ... فكنَّ من الإِصباح أسْنَى وَأَنْوَرَا
ومِسْنَ كأغصانِ الخمائلِ بُدِّلَتْ ... من الزَّهَرِ الفَيْنانِ وَشْياً مُحَبَّرَا
أَبَحْنَ لعشَّاقٍ خدوداً دَوَامِياً ... ولكن حماها كلُّ وَسْنَانَ أَحْوَرَا
وَجَرَّدْنَ حُمْرَ اللثْم عنها وإنما ... شَقَقْنَ عن الورد الشقيقَ المعصفرا
ومنها:
وكم نمَّ عنها في الدُّجَى نَفَسُ الصَّبَا ... فبتنا نخالُ الليلَ مِسْكاً وَعَنْبَرا
وكم أرهفتْ عِطْفاً فلو خيزرانةٌ ... تميل بِعطفٍ مَيْلَها لتكسَّرَا
ترى خَصْرَها يَعْيَا بحمل وشاحها ... ويحملُ من كُثْبَانِ يَبْرِينَ أعْفَرَا
ومنها:
وليلٍ ركبنا منه أدهَمَ حالكاً ... فصارَ بنور الفجرِ أبْلَجَ أشْقَرَا
إلى أنْ أَطَلَّ الفجرُ فيه كأَنه ... حسامٌ تلالا أو خليجٌ تفجَّرا
وفضَّضَ نورُ الصبح تبرَ نجومِه ... فَدَرْهَمَ للظلماءِ مِرْطاً مُدَنَّرا
وللمزنةِ الوطفاءِ دمعٌ كأنما ... يَمُدُّ على البطحاء بالنور أَعْقَرا
وخلنا لشخصِ الريح راحاً وأنْمُلاً ... تحوكُ على زرق المياه السَّنَوَّرا
ومنها في المخلص:
أسافحةً منا النجيعَ مُحَجَّراً ... متى أصبَحَ السيفُ اليمانيُّ مَحْجِرَا
ألا فاغمِدي صمصامَ لحظٍ سَلَلْتِه ... كما سَلَّ رضوانُ الحسامَ المظفَّرا
مليكٌ له عَضْبٌ إذا شامَ بَرْقه ... رأيتَ المنايا بين غَرْبَيْهِ جَوْهرا