خُلِقْتَ ماءً وأَحالَ الهوى ... جسميَ ناراً فلذا تَهْجُر
لو لم يكن ثغرُكَ في ساكنٍ ... عذبٍ لقلنا إنه جَوْهَر
زعزعتَ موجَ الردف في مِئْزَرٍ ... يكادُ فيه يَغْرَقُ المِئْزَر
وله
لائمي في قمرٍ بتُّ له ... ساجداً إذ لاح في ليل الشَّعَرْ
لك دينٌ ولناسٍ غيرُهُ ... ولبعضِ الناسِ أديانٌ أُخَرْ
وكما للشمس قومٌ سَجدُوا ... فكذا يسجدُ قومٌ للقمَرْ
وله من أخرى:
عطفَ القضيب على الكثيبِ الأَعْفَرِ ... وجلا الظلام على الصَّبَاح المُسْفِر
ومنها:
أتميسُ قامتُهُ ويعبَثُ طَرْفُهُ ... بِدَمِي كعاداتِ الوَشيج الأَسْمَرِ
ومنها:
أَجرى لنا عصرُ الصِّبَا في جسمهِ ... ماءَ الشبيبة صافياً لم يُعْصَرِ
وأَراكَ منه الوَشْيَ في حُلَلِ القَبَا ... طيِّ الجميلةِ في عَرِينِ القَسْوَرِ
وبدا لماءِ الورد في أَبرادهِ ... ما للحدائق في الغمامِ الممطر
وأَلاحَ تحت مراشفٍ بمباسمٍ ... درّاً مَصُوناً في عقيقٍ أَحْمَرِ
فعلمتُ لمَّا خضتُ في بحرِ الهوى ... أَنَّ المراشفَ من بحارِ الجوهر
ومنها في المدح:
ما زلتَ تبلغُ في العُداة خَطَابةً ... والطِّرْفُ منتصبٌ مكانَ المنبر
أَشْمَمْتَهُمْ عَرْفَ الحِمام بمِجْمَرٍ ... كانتْ رماحُك عودَ ذاك المُجْمَرِ
وبسطتَ من كفَّيك عشرَ أَسنةٍ ... في الحرب، بل في السلم عَشرة أبحرِ
وله من أخرى:
مَشَتْ فحكتْ مِشيةَ الجؤذرِ ... وأَشْبَهَتِ الصبحَ في المَنْظَرِ
وماسَتْ وقد جاذبتها الصَّبَا ... ذيولاً من السندس الأَخضر
فقلتُ قضيبُ النَّقَا يانعٌ ... يميسُ على حِقْفِه الأَغْفَرِ
ومنها:
لقد فَضَلَتْ كلَّ ممشوقةٍ ... تتيهُ على القمر المُقْمِرِ
كما فضلَ الناسَ في مجدهمْ ... أبو جعفرِ بِن أَبي جعفَرِ
فَتىً إن دَجَا حادثٌ حالكٌ ... فمرآه كالفَلَقِ المُسْفِرِ
وله
لله درُّ عَشِيَّةٍ نَادَمْتُهَا ... والعَيْشُ من مُقَلِ الشبيبة ينظرُ
غرَّاءُ ضُعِّفَ نورُها فكأنَّما ... أَمسى يُشَعْشِعُها صباحٌ أَنْوَر
خطَّ البهارُ بها بمقلة وَسْمِه ... خدَّ الغمام فبات وهْو مُعَصْفَرُ
ما كان أحسنها بصُفَّةِ برْكَةٍ ... باتت بخَفْقِ الريح وهْيَ سَنَوَّرُ
بيضاءُ جال بها الربيعُ كأنه ... ذَوْبُ اللُّجَيْنِ جرى عليه الجوهر
طاف الربيعُ بمائها فكأنه ... خدٌّ أَطافَ به عِذارٌ أخضر
وقال من قصيدة مطلعها:
يا حاديَ العيسِ من نجدٍ قِفِ العِيسَا ... واجعلْ لنا بمغاني الأَيْكِ تَعْرِيسا
ومنها:
فاجنحْ بهنَّ إلى حيثُ الربيعُ كَسَا ... مناكبَ الأَرضِ من نَوْرٍ طياليسا
والهُضْبُ تحت ذيولِ المُعْصِرات كما ... عَايَنْتَ في الحَلَقِ البُرْدَ الكرابيسا
والسَّرْحُ تحت مُوَشَّى النَّوْرِ تحسِبُها ... إذا نَظَرْتَ إليهنَّ الطواويسا
وفي بروجِ القبابِ الحمرِ شُهْبُ مهاً ... صَيَّرْنَ أَفلاكَها البُزْلَ القناعيسا
وله
ومهفهف أبدى الشباب بخدِّهِ ... صُدْغاً فرقْرَقَ وَرْدَه في آسهِ
تتلهَّبُ الصهباءُ في وَجَنَاتِهِ ... فتسيرُ من عينيه في جُلاَّسه
حتى إذا ملأَ الزجاجةَ خدُّهُ ... نُوراً وفاحَ الخمرُ من أَنفاسهِ
خالَ الزجاجَة أُفْعِمَتْ بمدامةٍ ... فدنا ليشرب نُورَهُ من كاسه
وله، وأحسن، أتى بتشبيه في تشبيه، يعجز عن مثله كل ذي رويةٍ وبديه
ومُعَذَّرٍ أَجفانُهُ وعذارُهُ ... يتعاضدان على فَناءِ الناسِ