ويا مُرِيقَ دمي ظلماً وجاحِدَهُ ... هل لونُ خدِّك إلا من دمي صُبِغا
قد يعلمُ الله أني غيرُ مُنْعَجِمٍ ... فما لعوديَ مُذ فارقْتَني مُضِغا
ويعلمُ الليلُ أن الشوق هيَّجني ... حتى غرقتُ بماءِ الدمع حين طغى
سعى إليك بيَ الواشي فأبعدني ... يا ليت شيطانَ ذاك السَّعْيَ ما نَزَعَا
وفاز منك بما قد كنت أَحْرُسُهُ ... من أين ذا الذئبُ في أمواهنا وَلَغا
أَلقاك ذا لَثغٍ في القول من دَهَشٍ ... وما عرفتُ لساني يعرف اللَّثَغَا
أنتَ الذي لو رآه الغصْنُ ما انعطفتْ ... أعطافُه، وجبينُ الشمس ما بزغا
لم يبدُ غيركَ شخصٌ في الورى حسنٌ ... كأن فيك جميع الحسن قد فُرِغَا
وله من قصيدة:
ماسَتْ بدعصِ نَقاً يجاذبُ أَهْيَفَا ... ولوتْ عليه الخزرانةَ مِعْطفا
خودٌ حَوَتْ مُقَلَ الماة وجيدَها ... وحَوَى الوشاحُ لها هضيماً مُخْطَفَا
بيضاءُ ترفُلُ بالكثيب مُهَيَّلاً ... والبدرِ أَنْوَرَ والقضيبِ مهفهفا
أبدى الوداعُ لنا برَخْصِ بنانها ... عَنَماً ببعضِ دمِ القلوبِ مُطَرَّفا
منها في المخلص:
ما للتي طَعَنَتْ وتَّتخذُ القنا ... والبيضَ سَجْفاً بالكماةِ مسجَّفا
مَرَّتْ على صدِّ الوفاء بِبَيْنها ... كمرورِ إسماعيلَ في طُرُقِ الوَفا
وله من قصيدة:
أما وحميَّا الكأسِ هَزَّتْ لنا عِطْفا ... وبدرِ تمامِ الحسنِ يسعى بها صِرْفا
وساقٍ يكادُ السكرُ يُسْقِطُ نِصْفَهُ ... مزاحاً ويُبْقي في مآزره النصْفا
ومخضوبةٍ قبَّلْتُها ولثمتُهُ ... فأتبعتُ ثغرَ الراحِ من ثغرهِ رَشْفا
وخَلْقٍ له مثل الحميَّا وَوَفْرَةٍ ... تمازجُ أرواح النَّدامى بهِ لُطْفا
كأن اليراعَ النَّضْرَ أوراقهُ قَناً ... له العَذَبُ الخفَّاق يستأنفُ الرَّجْفا
كأنَّ خليج الماء أوجَسَ طَعْنةً ... فدرَّعَ أجناداً وجدَّ لها صَفَّا
كأن اعتناقَ القُضْب والغيمُ دالجٌ ... وَداعُ خليطٍ ذَرّ من دمعه وَكْفَا
كأن اخضرارَ الدوح، والنهرُ ضاحكٌ ... غياهبُ شقَّ الفجرُ من جُنْحها سَجْفا
كأن رياضَ النهر مَدْحِيَ باسطٌ ... له الحَسَنُ الوَهَّابُ يومَ النَّدَى كَفَّا
وله
كلُّ من أَعْرِفُهُ يَظْلِمُني ... وسوى ذاك فعَنِّي يُنْصِفُ
فعدوِّي كلُّ من أَعرفهُ ... وصديقي كل من لا أعرف
له من قصيدة مطلعها:
ليتها إذ قاسَمَتْكَ العِناقا ... علّمَتْكَ الصبرَ لا الاشتياقا
ومنها:
لِنُسائلْ مِعْصَمَيْنا فإِنَّا ... ما نطقنا مذ عرفنا الفراقا
كم على جيدٍ وخصرٍ أُدِيرَا ... مَرَّةً عِقْداً وأُخرى نِطاقا
ومنها:
وكأَنَّ الحُسْنَ آلاتُ خَرْطٍ ... أَبرَزَتْ في الصَّدْرِ منها حِقَاقا
سَفَرَتْ عن بدرِ تِمٍ فلما ... نُبِّبَتْ كان النّقابُ المِحَاقا
ومنها:
وجرت في قمرِ الخدِّ منها ... عبرةٌ كانت عليهِ انشقاقا
ومنها في الممدوح وهو قاض:
حاكمٌ أظهرَ للعَدْل فينا ... كلَّ ما لاقَ بعقلٍ وراقا
حكمةٌ لو عاقنا الدهرُ عنها ... كان عن حكمةِ لقانَ عاقا
نثرَ التأويلَ دُرّاً ولكن ... غاصَ من علمٍ بحاراً دقاقا
ومنها:
يَدُهُ للمال إلفٌ غَضُوبٌ ... كلما واصَل شاء افتراقا
تأْبِقُ الأموالُ عن راحتيهِ ... بندىً عَلَّمَهُنَّ الإباقا
وله من قصيدة مطلعها:
سَرَى وقد عنَّ لعينيَّ الأَرَقْ ... واشمَطَّ بالفجر قَذَالٌ للغَسَقْ
مزنٌ يهزُّ البرقُ في أرجائهِ ... مثلَ اليمانيَّاتِ في أيدي الأُفُق