ومن عجبٍ إرسالُ عينٍ سخينةٍ ... على لوعةٍ هل يُطْفَأُ السُّخْنُ بالسُّخْنِ
وأعجبُ منها أَنْ تَفيض شئونُها ... على ظمإٍ منها بمنبجسٍ هَتْنِ
وقوله من أخرى:
أرى الشوقَ مُسْوَدَّاً كقلبي من الأَسَى ... وإِنْ كانَ محمرَّاً فمن أَدْمُعِي الحُمْرِ
وقد حالَ دمعي بين نَوْمِي وناظري ... وحال غرامي بين قلبيَ والبِشْرِ
كأنكَ حُلْمٌ كنتَ فاستيقظتْ لهُ ... جفونُ الردى واستأثرَتْ منك بالعُمْرِ
وقوله من أخرى:
كدأْبِكَ في الصبرِ يا ابنَ النُّهَى ... فكلُّ الأمورِ إِلى مُنْتَهَى
وكل امرىءٍ مُسْلِمٍ نَفْسَهُ ... إِلى الموتِ إن شاءَه أَوْ أَبَى
نُعِدُّ، لتسبقَهُ، العادياتِ ... فيدركنا بيسيرِ الخُطَى
ونأملُ عمرانَ أعمارنا ... فيهدمُ آمالنا والرَّجا
وما العيشُ إلا كحُلْمٍ مضى ... وبرقٍ سرى، أو كظلٍ أَرَى
حياةُ الفتى مركبٌ للحِمام ... وجثمانُهُ هَدَفٌ للبِلى
نروحُ ونغدو به ضاحكين ... وضِحْكُ القضاءِ علينا بُكَا
وإنَّ مُنَى المرءِ طولُ الحيا ... ة في نِعْمَةٍ كانَ أَو في شَقَا
أَلا إِنَّما الدهرُ يُملي لنا ... ومن يأْمنُ الدهر أَنّى سَطا
ومن مقطوعاته في معانٍ شتى قوله في طول الليل:
يا ليلةً عُمْرُ الزما ... نِ بطولها مِثْلُ القُلاَمَهْ
يُثْنِي عليَّ ظَلاَمُهَا ... وغرامها يثْنِي الغَمامَهْ
حتى كأنَّ نهارها ... يبدو به فجرُ القيامَهْ
وقوله في المعنى:
أَرَّقَ عيني شادنٌ دَنِفٌ ... بهجره فالرقادُ مُخْتَطَفُ
والليلُ من طوله كدائرةٍ ... لا آخِرٌ عنده ولا طَرَفُ
وقوله أيضاً في طول النهار وقصر الليل:
طال النهار على المحب كأنَّهُ ... يومُ الحسابِ بآخرِ الدهرِ
وكأن ليلته وقد طلعت ... عُقِدَ العِشَاءُ بها مع الفجر
وقوله في أمرد التحى:
كنتَ حَيّاً في المُرْدِ حتى إذا ... عَذّرْتَ جاءَ المماتُ والتعذيرُ
مثلُ سطر العنوانِ يبدو وتُطْوَى ... منه في باطنِ الكتابِ سطور
وقوله في عواد، وزعم أنه عمل في المنام:
ومسمعٍ مبدعٍ بصَنْعَتِهِ ... يريكَ من فَضْلِ حُسْنِهِ عَجَبَا
حَرَّكَ عوداً كالرعد مُقْتَرِناً ... بالبرق من كفِّه إذا ضَرَبا
وقوله:
أَكْرِمْ بنفسكَ إن أَرَدْ ... تَ العزَّ عن ذلِّ السُّؤالْ
واستغنِ عن عِدَةِ البخيلِ ... أَتَتْ بعذرٍ واعتلال
فالطبعُ أَغلبُ للفتى ... والبخلُ من لؤم الرجال
كم بين مختلفِ المقا ... لِ وبين متَّفق الفعال
ومباعدٍ طُرُقَ النَّدى ... ومقرِّبٍ طُرُقَ النوال
هذا يسابقُ بالعطا ... ءِ وذا يُعَلِّلُ بالمِطال
حاز الغِنى من لا يجو ... دُ وجاد ذاك بغير مال
وقوله يصف عدو الفرس في الميدان:
كم سابحٍ أعددتُهُ فوجدتُهُ ... عند الكريهةِ وهْوَ نسرٌ طائرُ
لم يَرْمِ قطُّ بطرفهِ في غايةٍ ... إلاّ وسابَقَهُ إليها الحافر
وقوله في المعنى:
كم جوادٍ يسبقُ الوهْمَ فما ... يقتفيهِ الوهمُ إلاّ تَبَعا
راهَنَتْ أوظافُهُ ألحاظَهُ ... ثم جاءَا غايةَ السَّبْقِ معا
وقوله:
قمرٌ لاث عليهِ مُطْرَفاً ... لازَوَرْديّاً رقيقَ الحاشِيهْ
وعليه صبغةٌ من حسنه ... فَهْيَ في كلِّ فؤادٍ ساريهْ
يضحكُ القلب إذا عايَنَهُ ... ولَكَمْ عينٍ عليهِ باكيهْ
طَرْفه جَنَّةُ عَدْنٍ أُزْلِفَتْ ... وبخدَّيْهِ جحيمٌ صاليَهْ