للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رُبَّ غانية أَضَرَّ بقولها ... أَنِّي بلفظة مُعْدِمٍ منبوزُ

فأجبتها ما عازني نَيْلُ الغِنى ... لكنْ مطالبةُ الحميدِ تَعُوزُ

في هذا البيت لحن، قال عازني والصحيح أعوزني وتعوز، وهذا يدل على أنه لحنةٌ

ما خابَ مَن هَضَمَ التفضلُ ما لَهُ ... كرماً، وَوَافرُ عرضهِ محروزُ

وهذا أيضاً صوابه محرز.

وله أيضاً:

لئن أنكرتْ مقلتاها دَمَهْ ... فمنه على وَجْنَتَيْها سِمَهْ

وها في أَناملها في بعضُهُ ... دَعَتْهُ خِضاباً لكي تُوهِمْهْ

هذا من قول الآخر:

خذوا بدمي ذاتَ الخضابِ فإنني ... رأيت بعَيْنِي في أناملها دمي

إذا كان لم يجنِ غيرَ الهوى ... فَيُقْتَلُ بالهجرِ ظُلْماً لِمَهْ

فقالتْ بما سُقْمهُ والدموع ... فأظهرَ من سِرِّنا مُعْظَمَهْ

فديتكِ دمعيَ من بَثَّهُ ... هواك وجِسْمِيَ من أسقمَه

وأنشدني القاضي أبو القاسم حمزة بن علي بن عثمان وقد وفد من مصر إلى دمشق في شعبان سنة إحدى وسبعين قال: أنشدني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني الديباجي قال: أنشدنا ظافر الحداد لنفسه في كرسي النسخ:

نَزِّهْ لحاظك في غريب بدائعي ... وعجيبِ تركيبي، وحكمةِ صانعي

فكأنني كَفَّا مُحِبٍ شَبَّكَتْ ... يومَ الفراقِ أصابعاً بأصابع

قال ابن عثمان: وأنشدنا أبو الحسين يحيى بن محمد بن الحسين الأزدي بالإسكندرية قال: أنشدنا ظافر الحداد لنفسه بمصر في العذار:

أَطْلَعَ الشمسَ من جبينك بدرٌ ... فوقَ وَرْدٍ من وجنتيك أَطَلاَّ

فكأن العذارَ خافَ على الور ... دِ جَفَافاً فمدَّ بالشَّعْر ظِلاَّ

قال: وأنشدنا أيضاً لنفسه ارتجالاً وقد أحضره الأمير السعيد ابن ظفر والي الإسكندرية، ليبرد خاتماً في يده قد ضاق عن خنصره:

قَصَّرَ في أوصافك العالَمُ ... فاعترفَ الناثرُ والناظمُ

من كنِ البحرُ له راحةً ... يضيقُ عن خنصرهِ الخاتَمُ

فأمر له بعطاء، فقيل له: إن كنت ذا خاطر سمح، فأنشدنا أسرع من لمح في هذا الغزال المستأنس، يعني غزالاً كان في حجر الأمير، فقال:

عجبتُ لجرأةِ هذا الغزالِ ... وأَمْرٍ تَخَطَّى له واعتمدْ

وأَعْجِبْ به إِذْ بدا جاثماً ... فكيف اطمَأَنَّ وأَنْتَ الأَسَدْ

فأمر له بعطاءٍ آخر، فقال له الرجل ممتحناً: انظم في هذه الشبكة المسدولة على هذه الدار شيئاً، فقال:

رأيتُ ببابك هذا المنيفِ ... شباكاً فأَدْرَكَنِي بعضُ شَكْ

وفكرتُ فيما جرى لي فقلتُ ... مكانُ البحارِ يكونُ الشّبَكْ

فقال الأمير لممتحنه: دعه وإلا أخذ ما علي.

وله، وقد استدعاه بعض أصحابه إلى الجيزة وقلى له سمكاً يقال له الراي فاقترح على الغريزة من قريحته نظم هذه الأبيات الوجيزة:

أيا سيداً فقاَ أَعْلى الرُّتَبْ ... وحازَ الجمال بأدْنَى سَبَبْ

أَمَالَكَ في الرَّايِ رأْيٌ فإِنَّ ... له صفةً أوجبَتْ أن يُحَبْ

تَرَبَّى مع النيلِ حتى رَبَا ... وصارَ من الشحم ضَخْماً خِدَبْ

ولا حِسَّ للعَظْمِ في أَكْلِهِ ... فليس على السنِّ منهُ تَعَبْ

يَرُوقُكَ نِيئاً وفي قَلْيهِ ... فتنظرُ في حالتيهِ العَجَبْ

نصول السكاكين مصقولة ... وفي القَلْيِ تمويُههَا بالذهب

قال: وأنشدني لنفسه:

قدٌّ يقدُّ به القلوبَ إذا انثنى ... يُنبيك كيف تَأَوَّدُ الأَغْصَانُ

كالصَّعْدَةِ السمراء قد أَوْفَى بها ... مَنْ لَحْظُ مُقْلَتِهِ الضعيفِ سنانُ

ما خلتُ أَنَّ النارَ في وجناتهِ ... حتى بَدَا في عارضيه دُخَانُ

وأورد له ابن بشرون المهدوي في كتابه الموسوم بالمختار قصيدة طويلة أثبت منها ما هو في صفاء النضار وأولها:

سائلِ الدارَ إن سألتَ خبيرا ... واسْتَجِرْ بالدموع تَدْعُ مُجيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>