للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو غير الحِمام بغى سميّاً ... لفلّ شباة أسرته السَّراةُ

وهبّ لآل زيّادٍ أسود ... براثنُها السّيوفُ المُرهفاتُ

إذا وقع الصريخُ نحاهُ منهم ... ثُبات من سجيّتها الثّباتُ

وأحسنُ ما تلاقيهم وجوهاً ... إذا كلحَتْ من الطّعن الكماةُ

وأسمحُ ما توافيهمْ أكفّاً ... إذا ذهبتْ بوفرِهمُ الهِباتُ

وخيرُ ذخائِرِ الدنيا لديهم ... جواد أو حُسام أو قناة

وسابغةُ الذّيول كما تغشّتْ ... ذُيول الريح صافية أضاةُ

فما عبثتْ بلبّهمُ الحُميّا ... ولا شربتْ عقولهمُ السُقاةُ

هذا البيت يتشرّبه العقل السليم، ويشرئبّ الى حِماهُ الخاطر المستقيم:

ولا حضَروا لأنّ العزّ شيء ... تضمّنه البداوةُ والفلاةُ

لهمُ هِمم بعيداتُ المرامي ... وأيدٍ بالمواهب دانِياتُ

جرَوا وجرى الكرامُ ليُدرِكوهم ... فخلّوهم وراءَهُمُ وفاتوا

محوتُ بهم ذنوبَ الدهر عندي ... وبالحسنات تُمْحى السّيئاتُ

عليهم عمدتي إنْ رابَ دهرٌ ... وهم ثقتي إذا خانَ الثِّقاتُ

ج - وقوله في صديق له:

فجعتني يدُ المنون بخِلٍ ... ثابتِ الودّ صادقِ الإخلاص

غائصِ الفكرِ في بحورِ علومٍ ... كل بحرٍ بها بعيدُ المغاصِ

فجعتني فيه صروفُ الليالي ... بالحلال الحلوِ اللُباب المُصاص

وترتني فيه وما لقتيلٍ ... صرعَتْهُ يدُ الرّدى من قِصاصِ

حادثٌ أرخصَ الدموعَ الغوالي ... ولَعَهدي بهنّ غيرُ رِخاصِ

فلئن فاتني فللدهرُ خلفي ... مُستحِثّ يجدّ في إشخاصي

أيها المبتغي مناضاً من المو ... ت رويداً فلاتَ حين مناصِ

قهرَ الموتُ كل عزّ وأوهى ... كل حِرزٍ وفضّ كل دِلاص

لو حللنا على الذّرى في الصّياصي ... ما طمعنا من الرّدى بخلاص

د - وقوله في شريف قتل:

حُقّ للجفن أن يصوبَ نجيعا ... لنعيّ برْحٍ أصمّ السّميعا

جلّ رُزْءُ الشريف عن أن نشقّ ال ... جيبَ فيه وأن نريقَ الدموعا

ندِس إن طرقتَ منزلَه الرّحْ ... بَ ووافيتَ بابَه المشروعا

لم تجدْ بِشْرَ وجهه عنكَ محجو ... باً ولا سيْبَ كفّه ممنوعا

عاد شملُ العُلا شتيتاً وقد كا ... ن به آهلَ المحلّ منيعا

فأجِلْ مقلتيك في الأرض هل تُبْ ... صِرُ إلا مُرزّأ مفجوعا

أين من كان للعُداةِ سِماماً ... أين من كان للعُفاة ربيعا

من يسدّ الثّغور بعدَك يا سي ... يِدَ فهرٍ أم من يقود الجميعا

من يعولُ الفقيرَ من يُنعشُ العا ... ثرَ من يؤنسُ المَخوفَ المروعا

أيها البدرُ قد أطلتَ غروباً ... عن جفوني فهل تطيقُ طلوعا

أيها الغيثُ إنّ روضَ الأماني ... آضَ يُبْساً فهل تطيقُ هموعا

ما ظنَنّا بأنّ قبلك للمج ... دِ ولا السّماح صريعا

هـ - وقوله يرثي والدته وتوفيت فجأة، وكان بعض المنجّمين قد حكم بذلك في مولده واتفقت الإصابة - من قصيدة طويلة: منها:

مدامعَ عيني استبدلي الدمعَ بالدّمِ ... ولا تسأمي أن يسْتبِلّ وتسْجمي

لحُقّ بأن يبكي دماً جفنُ مقلتي ... لأوجبِ من فارقتُ حقاً وألزَمِ

أخِلاءُ صدقٍ بدّد الدهرُ شملَهم ... فعاد سحيلاً منهمُ كل مبرَمِ

طوت منهمُ الأحداثُ أوجهَ أوجُه ... وأيمنَ أيمانٍ وأعظمَ أعظُمِ

فقد كثرَت في كل أرض قبورهم ... ككثرة أشجاني ولهفي عليهمِ

وما تلك لو تدري قبورُ أحبّة ... ولكنها حقاً مساقطُ أنجُم

<<  <  ج: ص:  >  >>