للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنما رقّتْ لعشّاقِه ... فاسترجعتْ أرواحهم من يديهِ

وقوله:

قامت تديرُ المُدامَ كفّاها ... شمسٌ ينيرُ الدّجى محيّاها

إن أقبلتْ فالقضيبُ قامتُها ... أو أدبرتْ فالكثيبُ رِدْفاها

للمسكِ ما فاحَ من مراشِفِها ... والبرقِ ما لاحَ من ثناياها

غزالةٌ أخجلتْ سمّيتها ... فلم تُشبَّه بها وحاشاها

هبْكَ لها حُسنَها وبهجتَها ... فهل لها خدّها وعيناها

وله يذمّ كاغداً:

كاغِدُنا يشبه حالاتِنا ... في كلّ معنى ويحاكيها

خسّ فللخَطّ به صورة ... لا شيء في القُبح يدانيها

لو كان خُلْقاً كان مُستَشْنَعاً ... أو كان خلْقاً كان تشويها

يعشّرُ الأقلامَ حتى تُرى ... مفلولةَ الحدّ مواضيها

يتركُها تُشبه أعجازُها ... في عدم البَرْي هواديها

من بعدِ ما ضاهى بأطرافِها ... أطرافَ سُمرِ الخطّ باريها

ومنها:

يقول من أبصرَ أطباقَها ... شُلّتْ يدٌ باتت تعبّيها

قد عبثَ السّوسُ بأوساطها ... وقرّضَ الفأرُ حواشيها

الياء وقوله:

عزِفْتُ عن التّشاغل بالملاهي ... وحثّ الكأسِ والطّاسِ الرّويّه

فما لي رغبةٌ في غير عِلمٍ ... تُنيرُ بديهتي فيه الرّويّه

ومن مراثيه: أ - قوله في مرثية أم علي بن يحيى:

تُضايقُنا الدنيا ونحن لها نهبُ ... وتوسعُنا حرباً ونحن لها حربُ

وما وهبَتْ إلا استردّتْ هباتِها ... وجدوى الليالي إن تحقّقتَها سلبُ

تؤمّل أن يصفو بها العيشُ ضلّة ... وهيهاتَ أن يصفو لساكنها شُربُ

إذا صقبَتْ دارٌ بأهل مودّة ... رغا بيننا في الدار بينهمُ سقْبُ

ألا إنّ أيام الحياة بأسرها ... مراحلُ نطويها ونحن لها ركْبُ

ومنها:

وما أنشبتْ كف المنيّة ظُفرَها ... فينجي طبيب من شَباها ولا طِبُ

ولا وألتْ من صيدِها ذاتُ مخلبٍ ... به كل حين من فرائسها خِلبُ

ولا ضَبِرٌ ذو لبدتين غضنْفرٌ ... له من قلوب الأرضِ في صدره قلْبُ

ومنها:

ولم أرَ يوماً مثلَ يومٍ شهدتُه ... وقد غابَ حسنُ الصبر واستحوذ الكربُ

ومأتِم شكوى وانتخابٍ تشابهتْ ... دموع البواكي فيه واللؤلؤ الرّطْبُ

فلا قلبَ إلا وهو دامٍ مفجّع ... ولا دمع إلا وهو منهملٌ سكْبُ

وقد كسفتْ شمسُ العُلا وتضاءلت ... لها الشمسُ حتى كاد مصباحها يخبو

ومنها:

مشت حولها الصّيدُ الكرامُ كرامةً ... الى أن تلقّتْها الملائكُ والرّبُّ

ومنها:

فإن لا تكن شمسُ النهار التي وهَتْ ... وهيلَ عليها التُربُ فهي لها تِربُ

لها كنَف من رحمة الله واسِع ... ومنزلُ صدقٍ عند فردوسِه رحْبُ

ب - وقوله من قصيدة في مرثية نُمَيّ بن زياد:

أتدري من بكتْهُ الباكياتُ ... ومن فجِعَتْ بمصرعه النُعاةُ

ألا فُجِعَتْ بأبلجَ من هلالٍ ... عليه لكل معلوَةٍ سمات

ضمينٌ أن تُكادَ به الأعادي ... علي أن تُنال به التِّراتُ

نمى في دوحتَيْ شرفٍ وعزٍ ... تزيّنُه العُلا والمَكرُمات

بحيثُ تكنّهُ السُمرُ العوالي ... وتكنُفُه الجياد الصافِناتُ

فلا برحَتْ جفونُ المُزنِ تهمي ... عليه دموعهنّ السّافحاتُ

غواديَ كل حين رائِحاتٍ ... إذا ونتِ الغوادي الرائحاتُ

تزجّيها الجنائبُ موقِراتٍ ... كما مشتِ العشار المُثقَلاتُ

ومنها:

فلا تنفكّ ترْفي التّرْبَ منها ... رياض بالشّقائقِ مُذهَباتُ

ومنها:

رمتْه يدُ الحِمام فأقصدتْهُ ... ولم تفغنِ العوائدُ والأساةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>