للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا على ما ذكره صاحب قلائد العقيان، قريب الزمان من عصر أهلنا الأعيان، وحكى عنه أنه لما انفصل عن أمير المسلمين، اختار لمسكنه سلا، واعتقد أنه بمجاورة بني القاسم يتسلى، وكانت ولايتها إلى أبي العباس، ولأبي محمد لديه يد أنجته من نكبة تمت له من البؤس واليأس، فلما سار إليه لم يرفع له الرأس ولم يوله في حال الوحشة الإيناس، فنسبه فيه إلى قلة الوفاء، وحسبه من كثرة الجفاء، ة فكتب إليه أبو العباس يعتذر، بأنه من أمير المسلمين يحذر:

واحسرتا لصديق ما له عوض ... إن قلت من هو لا يلقاك معترض

ألقاه بالنفس لا بالجسم من حذر ... لعلة ما رأيت الحر ينقبض

فكتب الوزير أبو محمد ابن القاسم إليه في جوابه:

شدّ الجياد إذا أجريت منقبض ... ما للوجيه على الميدان معترض

أنى تضاهيه فرسان الكلام ومن ... غباره في هواديهن ما نفضوا

جرت على مستو من طبعه كلم ... هي المشارب لكن ما لها فرض

كأن منشدها نشوان من طرب ... أو بلبل من سقيط الطل ينتفض

تحية من أبي العباس زار بها ... طيف من العذر في أثوابه يمض

لا بالجلي فتستوفي حقيقته ... ويستبان بعين ما لها غمض

لكن أغض عليه جفن ذي مقة ... كما يسد مكان الجوهر العرض

يا من يعز علينا أن نعاتبه ... إلا عتاب محبّ ليس يمتعض

ناشدتك الله والانصاف مكرمة ... أما الوفاء بحسن العهد مفترض

هب المزار لمعنى الريب مرتفع ... ما للوداد بظهر الغيب ينخفض

أما لكل نبيه في العلى حيل ... تقضى الحقوق بها والمرء منقبض

كن كيف شئت فمن دأبي محافظة ... على الذمام وعهد ليس ينتقض

وهمة لم تضق ذرعا بحادثة ... إن الكريم على العلات ينتهض

والحر حر وصنع الله منتظر ... والذكر يبقى وعمر المرء ينقرض

ومن منثوره ما ذكر القيسي في كتابه، أنه كتب إليه في جوابه، فراجعه به من رقعة كتبها إليه مودعا ووصف النجوم:

<<  <  ج: ص:  >  >>