للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجب من الله ليس كالتعجب من الآدميين كما قال تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩] وقال: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧] فالعجب من الآدميين إكباره وتعظيمه، والعجب (١) من الله فيكون بمعنى الإنكار والذم، وقد يكون بمعنى الاستحسان


= والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ؛ فمصيب.
فإن قال قائل: وكيف يكون مصيباً القارئ بهما مع اختلاف معنييهما؟! قيل: إنها وإن اختلف معنياهما؛ فكل واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسخر المشركون بما قالوه" اهـ
وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن زنجلة في كتابه "حجة القراءات" (ص ٦٠٦) "قرأ حمزة والكسائي: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)} [الصافات: ١٢]، بضم التاء، وقرأ الباقون بفتح التاء ... "، ثم قال: قال أبو عبيد قوله: {بَلْ عَجِبْتَ}؛ بالنصب: بل عجبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك، ومن قرأ: {عَجِبْتَ} فهو إخبار عن الله عَزَّ وَجَلَّ" اهـ.
وقد صحت القراءة بالضم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(١) العجب: صفة من صفات الله عَزَّ وَجَلَّ الفعلية الخبرية الثابتة له بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)} وقد تقدم شرحها.
قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: ٥].
نقل ابن جرير في تفسير هذه الآية بإسناده إلى قتادة قوله: "قوله: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} إن عجبت يا محمَّد؛ فعجب: {قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} عجب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت. =

<<  <  ج: ص:  >  >>