للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: بل هو المتعين لتظافر (١) الروايات بذلك في الموضعين إلاّ أنّ السبب في الموضعين مختلف، فالذي بالحديبية كان بسبب من توقف من الصحابة [١٨٥ ب] عن الإحلال لما دخل عليهم من الحزن لكونهم منعوا من الوصول إلى البيت مع اقتدارهم في أنفسهم على ذلك، فلّما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - توقفوا، وأشارت أم سلمة أن يحل هو قبلهم ففعل فتبعوه، فحلق بعض وقصّر بعض، فكان من بادر إلى الحلق أسرع في امتثال الأمر ممّن اقتصر على التقصير، وقد وقع التصريح بهذا السبب في حديث ابن عباس، فإنّ في آخره عند ابن ماجه (٢) وغيره: أنهم قالوا: يا رسول الله! ما بال المحلِّقين ظافرت لهم بالترحم؟ قال: "لأنهم لم يشكوا".

وأمّا السبب (٣) في تكرير الدعاء للمحلقين في حجة الوداع فقال ابن الأثير في "النهاية" (٤) [كان] (٥) أكثر من [حج] (٦) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسق الهدي، فلما أمرهم أن يفسخوا الحج إلى العمرة ثم يتحللوا منها ويحلقوا رءوسهم شق عليهم ثم لم يكن لهم بدٌ من الطاعة كان التقصير في أنفسهم أخف من الحلق ففعله أكثرهم فرجّح النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل من حلق؛ لأنه يكون أبين في امتثال الأمر. انتهى.


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٣/ ٥٦٤).
(٢) في "السنن" رقم (٣٠٤٥)، وهو حديث حسن.
(٣) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٥٦٤).
(٤) في "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٤١٨).
(٥) كذا في المخطوط (أ. ب) والذي في "النهاية" لأنَّ.
(٦) كذا في المخطوط (أ. ب) والذي في "النهاية" أحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>