للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبعه النووي فقال في شرح المهذب (١): الصواب أنّه لا يحرم الادّخار بحال، وحكى في شرح مسلم (٢) عن جمهور العلماء: إنه من نسخ "السنة" بالسنة. قال: والصحيح نسخ التحريم مطلقًا، وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة فيباح اليوم الادّخار فوق ثلاث والأكل إلى ما شاء. انتهى.

وأخرج مسلم (٣) من حديث ثوبان قال: ذبح النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أضحيتَهُ ثم قال لي: "يا ثوبانُ! أصلحْ لحم هذه" فلم أزل أُطْعِمُهُ منه حتى قدم المدينة.

قال ابن بطال (٤): [في الحديث ردٌ على من زعم من الصوفية أنه لا يجوز ادّخار الطعام لغدٍ، وأنّ اسم الولاية لا تستحق لمن ادّخر شيئًا ولو قلَّ، وأنّ من ادّخر أساء الظن بالله تعالى، وفي هذه الأحاديث كفاية في الرد على من زعم ذلك] (٥).

٢ - وعن عابس بن رَبيعة قال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضي الله عنها -: أَنَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلاَثٍ؟ قَالَتْ: إنَمَا فَعَلَهُ فِي عَامٍ جَاعَ فِيهِ النَّاسُ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِيُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قُلْتُ: وَمَا اضْطَرَّكُمْ إِلَى ذَلِكَ فَضَحِكَتْ


(١) "المجموع شرح المهذب" (٨/ ٣٩٦).
(٢) (١٣/ ١٢٩).
(٣) في "صحيحه" رقم (٣٥/ ١٩٧٥). وأخرجه أحمد (٥/ ٢٧٧).
(٤) في شرحه لـ "صحيح البخاري" (٩/ ٤٨٨ - ٤٨٩) باب: ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره.
(٥) كذا العبارة في المخطوط: وإليك نصها كما في شرح صحيح البخاري لابن بطال: هذا الباب رد على الصوفية في قولهم: إنه لا يجوز ادّخار طعام الغد، وأن المؤمن الكامل الإيمان لا يستحق اسم الولاية لله حتى يتصدق بما فضل عن شبعه, ولا يترك طعامًا لغدٍ، ولا يصبح عنده شيء من عين ولا عرض ويمسي كذلك، ومن خالف ذلك فقد أساء الظنّ بالله، ولم يتوكل عليه حق توكله، وهذه الآثار ثابتة بادخار الصحابة وتزود النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أسفارهم، وهي المقنع، والحجة الكافية في ردِّ قولهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>