للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض (١): صان الله الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة وإلا [ما كان] (٢) استرجاع هذا النوع بالاستعداء إلى ولاة الأمور، ويسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة، فإنه [٢٦٨ ب] يندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها لتكون أبلغ في الزجر عنها. انتهى (٣).

جعل فيه ابن الأثير (٤) أربعة فصول: الأول في موجب القطع، وذكر حديث عائشة، بدأ به كما بدأ به المصنف.

١ - عن عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: لَمْ تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ المِجَنِّ تُرْسٌ أَوْ جَحَفَةُ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ (٥). [صحيح].

قوله: "في حديث عائشة ترس أو جحفة" بدل من المجن وهو بكسر الميم، والجحفة ترس صغير لما أنزل الله آية السرقة مجملة بينها الحديث، إلا أن حديث عائشة هذا مجمل أيضاً بالنسبة إلى ما تأخر من الأزمنة عن عصرها، وأما في عصرها فلعله كان معروفاً قدر ثمنه


(١) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٥/ ٤٩٥ - ٤٩٦).
(٢) في (أ) لكان, وفي (ب) ولمكان, وما أثبتناه من المعلم.
(٣) هكذا جاء النص مضطرب العبارة والمعنى، وإليك نصه من "المعلم بفوائد مسلم" (٥/ ٤٩٥ - ٤٩٦): حيث قال: صان الله تعالى الأموال بحد القطع في السرقة في أول حدود ماله من المال، وأن يجعل ذلك في غير السرقة والزنا والاغتصاب؛ لأن ذلك في الأقل من أهل القدرة في الأكثر؛ لأن ما كان مجاهرة فاسترجاعه ممكن بالعلم متوفر في السرقة مستشرى، قلما يتوصل بالاطلاع عليها، وإقامة الشهادة فيها فعظم فيها، واتسعت العقوبة فيها لشدائد الزجر عنها. وتجرد التوصل إلى معرفة ما اشتهر به منها ... ".
(٤) في "الجامع" (٣/ ٥٥٤ - ٥٥٨).
(٥) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٦٧٩١) ومسلم رقم (١٦٨٤) وأبو داود (٤٣٨٣، ٤٣٨٤)، والترمذي رقم (١٤٤٥) والنسائي رقم (٤٩٢١) ومالك في "الموطأ" (٢/ ٨٣٢) وأحمد (٦/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>