للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقتضى رأيهم أن يجعلوه كحدّ القذف، وقد أجيب بأنهم لم يتجاوزوا الأربعين التي وردت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق كثيرة، ولكنهم زادوا عليها تعزيزاً لا حداً.

قوله: "أخف الحدود" بنصب أخف، أي [اجلده أخف الحدود] (١) وقوله "ثمانون" خبر مبتدأ محذوف، أي: هو وذلك حد القذف، كما في نص القرآن، وكأنه يريد عبد الرحمن إلحاق حد الخمر بحد القذف، ولا أدري بأي جامع ذلك؟

ثم إنه قياس في الحدود وفيه خلاف كثير، قال النووي في "شرح مسلم" (٢): هكذا في مسلم (٣)، وغيره أن عبد الرحمن هو الذي أشار بهذا.

وفي "الموطأ" وغيره: أنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكلاهما (٤) صحيح وأشارا جميعاً.

ولعل عبد الرحمن هو الذي بدر بهذا القول فوافقه علي وغيره فنسب ذلك في رواية إلى عبد الرحمن لسبقه، ونسب في رواية إلى علي لفضيلته وكثرة علمه ورجاحته على عبد الرحمن - رضي الله عنهم - أجمعين.


(١) كذا في المخطوط (أ. ب) والذي في شرح "صحيح مسلم" (١١/ ٢١٥) اجلده كأخف الحدود أو اجعله كأخف الحدود.
(٢) (١١/ ٢١٥).
(٣) في "صحيحه" رقم (٣٦/ ١٧٠٦).
(٤) قال الحافظ في "التلخيص" (٤/ ٢٤٣) ولا يقال: يحتمل أن يكون عليَّ، وعبد الرحمن أشارا بذلك جميعاً، لما ثبت في "صحيح مسلم" رقم (٣٨/ ١٧٠٧) - عن علي في جلد الوليد بن عقبة أنه جلده أربعين، وقال: "جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين، وكلٌّ سنة"، وهذا أحب إلي، فلو كان هو المشير بالثمانين، ما أضافها إلى عمر ولم يعمل بها لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاد ثم تغير اجتهاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>