للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ - لهَكَذَا - وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ: مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ, وإنَّهُ لَيَئِطَّ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ" (١) أخرجهما أبو داود.

قوله: "في حديث جبير بن مطعم وقال بأصابعه مثل القبة" قال الخطابي (٢) - رحمه الله -: هذا الكلام إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية, والكيفية عن الله سبحانه وعن صفاته منفية، فعلم أن ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة, وأنما هو كلام تقريب، أريد به تقرير عظمة الله وجلاله, وأنه إنما قصد به إفهام السائل من حيث يدرك فهمه، إذ كان أعرابياً جلفاً لا علم له بمعاني [ما دق] (٣) من الكلام، وفي الكلام حذف [٣١٩ ب] وإضمار فمعنى قوله: "أتدري ما الله؟ " معناه: أتدري ما عظمة الله وجلاله؟

وقوله: "حتى لتأط به" معناه أنه تعجز عن عظمته وجلاله حتى تئط له، إذ كان معلوماً أن أطيط الرجل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه, ولعجزه عن احتماله، فقرر بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة الله وجلاله، وارتفاع عرشه ليعلم أنّ الموصوف يعلو الشأن وجلالة القدر، وفخامة الذكر لا يجعل شفيعاً إلى من هو دونه في القدر وأسفل منه في الدرجة، وتعالى الله أن يكون مشبهاً بشيء أو متكيفاً بصورة خلق أو مدركاً بحد {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (٤) انتهى (٥).

٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أخذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِي، فَقَالَ: "خَلَقَ الله التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ،


(١) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (٤٧٣٦) وهو حديث ضعيف.
(٢) في "معالم السنن" (٥/ ٩٥ - ٩٦ - مع "السنن").
(٣) في المخطوط (أ. ب) مبادئ وما أثبتناه من "معالم السنن".
(٤) سورة الشورى الآية (١١).
(٥) أي كلام الخطابي: "معالم السنن" (٥/ ٩٥ - ٩٦ - مع "السنن").

<<  <  ج: ص:  >  >>