للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استشكل (١) هذا التقسيم بالنسبة إلى النبي؛ لأنه وإن جاز عقلاً أن يكون فيمن يداخله [من يكون] (٢) من أهل الشر لكنه لا يتصور منه أن يصغي إليه، ويعمل بقوله لوجود العصمة وأجيب: بأن في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي من ذلك بقوله: "والمعصوم من عصمه الله"، فلا يلزم من وجود من يشير على النبي بالشر أن يقبل منه. انتهى.

وقيل: أراد بالبطانتين: القلب والنفس، فالقلب يأمر بالطاعة، والنفس تأمر بالمعصية، ولكل جنود، فأيهما غلب فيه مال الإنسان إلى ما غلب.

والصحيح: أن البطانة خواص الإنسان الذين يستنبطون أمره, وجلساؤه، ومشاوروه, وأهل سره، والحديث تحذير للإنسان من خلطائه وجلسائه الذين يجرونه إلى الشر، وحث على العمل بما تدعو إليه بطانة الخير ومعرفة هذه من هذه أن كل من دعاه إلى الخير وحثه عليه فهو من بطانة الخير، ولا ينافي حديث "جعل له وزيراً صالحاً" لأن هذا مسوق لبيان أنه لا يخلو الإنسان [٣٤٨ ب] عن أهل الشر ومخالطته لهم ودعوتهم له إلى الشر.

٣ - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُعِيذُكَ بِالله يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ! مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، مَنْ غَشِىَ أَبْوَابَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ فِي كَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلاَ يَرِدُ عَلىَّ حَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يَغْشَ أَبْوَابَهُمْ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِي كَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ, وَسَيَرِدُ عَلَىَّ الحَوْضَ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ! الصَّلاَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ. يَا كَعْبُ بْنَ


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٩٠).
(٢) زيادة من "فتح الباري".

<<  <  ج: ص:  >  >>