للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يورث عنه، وتمسك أبو بكر بالعموم، واختلفا في أمر محتمل للتأويل، فلما صمم على ذلك [امتنعت] (١) عن الاجتماع به لذلك. انتهى.

ولا يخفى أن هذا مبني على صحة هجرها إياه، على أنّا ننازع في غضبها أيضاً فإنها - رضي الله عنها - أجلّ قدراً وأعظم تقوى وأوفر عقلاً أن تغضب في منعها من أمر قد روي فيه مانعها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصّاً سمعه منه، ولم تكن ذات حرص على الدنيا فقد قنعت [عن] (٢) خادم (٣) تخدمها بما علمها رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من التسبيح والتحميد والتكبير عند [النوم] (٤) وأخبرها أنه خير لها من خادم، وكان يكره لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو معلوم، وغاية الواقع أن البتول - رضي الله عنها - طلبت ميراثها فأخبرها من طلبته منه أنه نص - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يورث، وأن الذي تركه صدقة فقبلت ذلك ولم تشتم - وحاشاها - أبا بكر ولا كذّبته فيما رواه ولا كررت الطلب بعد ذلك فما معنى غضبها وهجرها له، وإن كان الأمران قد صارا قطعيين عند المتعصبين، بل عند الناس أجمعين، حتى قال القائل من الآل:

أتموت البتول غضبى ونرضى ... ما كذا تفعل البنون الكرام


(١) كذا في المخطوط (أ. ب) والذي في "الفتح": انقطعت.
(٢) في (ب) من.
(٣) يشير إلى ما أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٣١١٣) وأطرافه (٣٧٠٥، ٥٣٦١، ٥٣٦٢، ٦٣١٨) ومسلم رقم (٢٧٢٧) عن علي أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرَّحى مما تطحنه, فبلغها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسبي، فأتته تسأله خادماً فلم توافقه, فذكرت لعائشة, فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك عائشة له، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، حتى وجدتُ بَرْد قدمه على صدري، فقال: ألا أدُلكما على خير مما سألتُماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، فإن ذلك خيرٌ لكما مما سألتماه.
(٤) في (ب) الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>