للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "في هذا الأمر" أي: الخلافة، أي: يظن أو يعتقد أنه لا بد من مشاورتنا كما يدل له "فاستبديتم علينا" والاستبداد بالأمر الانفراد به دون غيرك.

قوله: " [ثم] (١) قال أما بعد فوالله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي".

لا يخفى أن هذا ليس جواباً عما ذكره علي - عليه السلام -؛ لأنه ذكر الاستبداد الذي وقع منهم في أمر الخلافة فأعرض أبو بكر عن جواب هذا، وسلك الأسلوب المحكم كأنه يريد في نفسه أن ذلك أمر قد وقع، وقد انقاد له الناس، وأنه لا حاجة إلى الخوض فيه والاعتذار عنه، وغايته أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يقل: كنت أنا أحق بهذا الأمر حتى يحتاج إلى الجواب، بل ذكر أنه كان الأولى أن لا تستبدوا بالأمر دون بني هاشم.

قوله: "ألوت" (٢) يقال: ألى يألو إذا قصّر، وفلان لا يألوك نصحاً لا يقصر.

قال القرطبي (٣): من تأمل ما دار بين أبي بكر وعلي من المعاتبة والاعتذار وما تضمن ذلك من الإنصاف عرف أن بعضهم كان يعترف بفضل الآخر وأن قلوبهم كانت متفقة على الاحترام والمحبة، وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحياناً لكن الديانة ترد ذلك، والله أعلم. انتهى.


(١) زيادة من (أ).
(٢) تقدم شرحها، وانظر "غريب الجامع" (٤/ ١٠٧) وقد تقدم بنصه.
(٣) في "المفهم" (٣/ ٥٧٠) حيث قال: وقد جرى بينهم في هذا المجلس من المحاورة والمكالمة والإنصاف ما يدل على معرفة بعضهم بفضل بعض، وأن قلوبهم متفقة على احترام بعضهم لبعض، ومحبة بعضهم لبعض ما يشرق به الرافضي اللعين، وتشرق به قلوب أهل الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>