للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الثاني: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)} (١)، {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨)} (٢)، وما لا يخفى على من عرف القرآن.

وهكذا كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وجميع [٣٨٦ ب] المؤمنين حتى بالغت طائفة (٣) فقالت: السكوت والرضا أفضل من الدعاء، وتأولوا الأوامر القرآنية نحو: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٤) أن المراد بالدعاء العبادة، بدليل قوله آخر الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} (٥)، وبدليل أنه يدعو الداعي فلا يجاب، ولو كان المراد لما تخلف خبره تعالى بالإجابة عنها، ولا خيب كل دعاء.

وأجيب (٦):


(١) سورة الأنبياء: ٨٣.
(٢) سورة آل عمران: ٣٨.
(٣) ذكره القشيري في "الرسالة القشيرية" (ص ٢٦٥).
(٤) سورة غافر: ٦٠.
(٥) سورة غافر: ٦٠.
(٦) قال الشيخ تقي الدين السبكي: الأول حمل الدعاء في الآية على ظاهره، وأما قوله بعد ذلك: {عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠] فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة، فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء، وعلى هذا؛ فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكباراً، ومن فعل ذلك كفر، وأما من تركه لمقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور، وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه.
انظر: "فتح الباري" رقم (١١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>