للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "في حديث أبي هريرة: ينزل ربنا ... " الحديث. هذا مما يجب الإيمان به، ويوكل معرفة معناه إلى الله كسائر أحاديث الصفات، ومن يتأوله قال كما قال المصنف: نزول (١) الرحمة والألطاف، ويبعده قوله: "فيقول" إلى آخر الحديث.

وقوله: "من يدعوني" عام لكل دعاء، ثم خصص بعد التعميم سؤال العطية كما يرشد إليه "فأعطيه" والاستغفار، فإنه دعاء لطلب المغفرة. وفيه فضيلة الثلث الآخر من الليل، وأنه ينبغي تحريه لطلب الخير والاستغفار وغير ذلك.

وحديث مسلم دال أن النزول الإلهي من الثلث الثاني، ولا مانع من أنه يكون هذا تارة والآخر تارة.

١٠ - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قِيلَ: يا رَسُولَ الله، أَيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: "جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرُ، وَدُبُرَ الصَّلَواتِ المَكْتُوبَاتِ". أخرجه الترمذي (٢). [صحيح]


= وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح: أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه ينزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلى إلى أسفل". اهـ وقال أبو القاسم اللالكائي في "أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (٣/ ٤٣٤): "سياق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرون نفساً". اهـ.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في تفسير سورة الإخلاص "دقائق التفسير" (٦/ ٤٢٤): "فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج، وأنه كلم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان، فقال لها وللأرض: ائتيا طوعاً أو كرها؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة، حتى يقال: ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر".
(١) انظر التعليقة المتقدمة.
(٢) في "السنن" رقم (٣٤٩٩)، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>