للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول: لا ريب أن أشرف العباد مقاماً، وأعرفهم بالله إجلالاً وإعظاماً هو خاتم رسله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان أكثر الناس فزعاً إلى الله، وأوسعهم دعاء لمولاه في كل حالة من أحواله، كما لا يحصى ذلك من أقواله.

والله أمر عباده بدعائه ومدح الداعين له، وذكر دعوات رسله عند الشدائد وغيرها، قال الكليم: {إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)} (١)، وقال أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)} (٢)، وقال أبو البشر آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} (٣)، ودعوات رسل الله قد ملئت بها كتب الله، فالعجب من جعل [قول] (٤) رابعة وغيرها أرفع حالاً من [أحوال] (٥) [٢٦٦/ أ] رسل الله، وأما قول الخليل فيطالب بإسناده أولاً، وثانياً: أن قوله: "علمه بحالي يغنيه عن سؤالي" هو سؤال وإعلام بأن الله تعالى عالم بحاجاته، فأين هو من قول من قال: "لا يكون الفقير فقيراً حتى لا يكون له إلى الله حاجة"؟ وإنما هذا يناسب لو قال الخليل: ما لي إليه حاجة، وحاشاه عن مثل هذه الدعوى الباطلة، وهذه نفثة من شطحات الصوفية.

٦ - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالتِ امرأةٌ: يا رَسُول الله، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ". أخرجه أبو داود (٦). [صحيح]

قوله: "في حديث جابر: فقال - صلى الله عليه وسلم -: صلى الله عليك وعلى زوجك" سيأتي أن هذا من أدلة من أجاز الصلاة على غير الأنبياء استدلالاً لا تفضلاً.


(١) سورة القصص: ٢٤.
(٢) سورة الأنبياء: ٨٣.
(٣) سورة الأعراف: ٢٣.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في "السنن" رقم (١٥٣٣)، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>